للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذَكَر "بَعْض مَنْ قَال إنَّ سُكْنَى حَوْل كَامِل كَان حَقًّا لأزْواج الْمُتَوَفَّين بَعْد مَوْتِهِم عَلى مَا قُلْنا، أوْصَى بِذلك أزْوَاجُهن لَهُنّ أوْ لَم يُوصُوا لَهُنّ بِه، وأنَّ ذَلك نُسِخ بما ذَكَرْنا مِنْ الأرْبَعَة الأشْهُر والعَشْر والْمِيرَاث" (١).

كَمَا ذَكَر "مَنْ قَال كَان ذَلك يَكُون لَهُنّ بِوَصِيَّة مِنْ أزْوَاجِهن لَهُنَّ بِه" (٢).

وأعقَبَه بِذِكْر "مَنْ قَال نَسَخ ذَلك مَا كَان لَهُنّ مِنْ الْمَتَاع إلى الْحَوْل مِنْ غَيْر تَنْبيهٍ على أيّ وَجْه كَان ذَلك لَهُنّ" (٣).

ونَقَل عن آخَرِين قَولهم: "هَذه الآيَة ثَابِتَة الْحُكْم لَم يَنْسَخ مِنها شَيء" (٤).

ثم ذَكَر اخْتِيَارَه بِقوله: وأوْلى هَذه الأقْوال عِندي في ذَلك بالصَّوَاب أن يُقَال: إنَّ الله تعالى ذِكْرُه كان جَعَل لأزْواج مَنْ مَات مِنْ الرِّجَال بَعد مَوتِهم سُكْنَى حَوْل في مَنْزِلِه، ونَفَقَتَها في مَال زَوجِها الْمَيِّت إلى انْقِضَاء السَّنَة، وَوَجَب عَلى وَرَثة الْمَيِّت أنْ لا يُخْرِجُوهنّ قَبْل تَمَام الْحَوْل مِنْ الْمَسْكَن الذي يَسْكُنُه، وإنْ هُنَّ تَرَكْن حَقَّهُنّ مِنْ ذَلك وخَرَجْن لم تَكُنْ وَرَثة الْمَيِّت مِنْ خُرُوجهن في حَرَج، ثم إنَّ اللهَ تَعالى ذِكْرُه نَسَخَ النَّفَقَة بِآيَة الْمِيرَاث، وأبْطَل مِمَّا كَان جَعَل لَهُنّ مِنْ سُكْنَى حَوْلٍ سَبْعةَ أشْهر وعِشْرِين لَيْلَة (٥)، وَرَدَّهُنَّ إلى أرْبَعَة أشْهُر وعَشْر، عَلى لِسَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (٦).

وأبَان السمرقندي أن الاعْتَداد بالسَّنَة كَان في أوَّل الشَّرِيعَة، إذْ "كَانَتْ العِدَّة حَوْلًا، وهَكَذا كَان في الْجَاهِلِيَّة … ثم نُسِخ مَا زَاد عَلى الأرْبَعَة أشْهُر وعَشْرا،


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٤/ ٤٠٠).
(٢) المرجع السابق (٤/ ٤٠٣).
(٣) المرجع السابق (٤/ ٤٠٤).
(٤) المرجع السابق (٤/ ٤٠٥).
(٥) يعني الفَرْق بين السَّنَة والأرْبعة أشْهر وعَشْر (١٢ شهرا - ٤ أشهر و ١٠ ليال = ٧ أشْهُر و ٢٠ ليلة).
(٦) جامع البيان، مرجع سابق (٤/ ٤٠٦).

<<  <   >  >>