للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له فيها مِنْ رِزق أيام حَيَاتِه، ثم لا نَصِيب لَه في كَرَامَة الله التي أعَدَّها لِمَنْ أطَاعَه وطَلَب مَا عِندَه في الآخِرَة (١).

وأمَّا في آيَة "النساء": (مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، فقد أعْمَل السِّيَاق، ولذا فَهو يَرى أنَّهَا في الْمُنَافِقِين، وأنَّ الْمَقْصُود بِثَوَاب الدُّنيا للمُنَافِق "هو مَا يُصِيب مِنْ الْمَغْنَم إذا شَهِد مع النبي صلى الله عليه وسلم مَشْهَدًا، وأمْنُه على نَفْسِه وذُرِّيته ومَالِه، ومَا أشْبَه ذلك، وأمَّا ثَوَابُه في الآخِرَة فَنَارُ جَهنَّم" (٢).

وتَأوِيل آيَة "هود" عِند ابن جرير: "يَقول تَعالى ذِكْرُه مَنْ كَان يُرِيد بِعَمَلِه الْحَيَاة الدُّنيا، وإيَّاها وزِينتها يَطْلُب بِه، نُوَفِّ إلَيهم أُجُور أعْمَالِهم فِيها وثَوَابها. (وَهُمْ فِيهَا) يَقُول: وهُم في الدُّنيا (لَا يُبْخَسُونَ) يَقُول: لا يُنْقَصُون أجْرَها، ولَكِنَّهم يُوَفَّونَه فِيها" (٣).

أمَّا مَعْنَى: (وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) عند ابن جرير فَهو "ومَن كَان يُرِيد بِعَمَلِه الدُّنيا، ولها يَسْعَى لا للآخرة؛ نُؤتِه مِنها ما قَسَمْنَا لَه مِنها. (وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) … وليس لِمَنْ طَلَب بِعَمَلِه الدُّنيا ولم يُرِد الله بِه في ثَوَاب الله لأهْلِ الأعْمَال التي أرَادُوه بأعْمَالِهم في الدُّنيا حَظّ" (٤).

ومَعْنَى آيَة "الإسراء" عنده: مَنْ كَان طَلَبه الدُّنيا العَاجِلَة، ولَها يَعْمَل ويَسْعَى، وإيّاها يَبْتَغِي، لا يُوقِن بِمَعَاد، ولا يَرْجُو ثَوابًا ولا عِقَابًا مِنْ رَبِّه على عَمَلِه؛ (عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) … يُعَجِّل الله له في الدُّنيا مَا يَشَاء مِنْ بَسْط الدُّنيا عليه، أو تَقْتِيرِها لِمَنْ أرَاد الله أن يَفْعَل ذَلك بِه، أوْ إهْلاكِه بِمَا يَشَاء مِنْ عُقُوبَاتِه.


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٦/ ١٠٨).
(٢) المرجع السابق (٧/ ٥٨٣).
(٣) جامع البيان، مرجع سابق (١٢/ ٣٤٦)، ولا زال الإشكال قائمًا عند من يُطالِع "جامع البيان"، أي أنه لم يُزِل الإشكال.
(٤) المرجع السابق (٢٠/ ٤٩١).

<<  <   >  >>