للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا اخْتِلاف الأوْصَاف في خَلْق آدَم عليه الصلاة والسلام، فالْجَوَاب مَا قَاله ابن الجوزي: أنَّ الأصْل التُّرَاب، فَجُعِل طِينًا، ثم صَار كالْحَمأ الْمَسْنُون، ثم صَار صَلْصَالًا كَالفَخَّار. هذه أخْبَار عن حَالات أصْلِه.

و"الألْفَاظ إذا اخْتَلَفَتْ في ذَاتِها كَان مَرْجِعها إلى أمْر وَاحِد لم يُوجِب ذَلك تَنَاقُضًا كَمَا قَال عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِه في خَلْق آدَم، فَذَكَر مَرَّة أنه خُلِق مِنْ تُرَاب، ومَرَّة أنه خُلِق مِنْ حَمأ مَسْنُون، ومَرَّة مِنْ طِين لازِب، ومَرّة مِنْ صَلْصَال كَالفَخَّار؛ فَهَذِه الألْفَاظ مُخْتَلِفَة، ومَعَانِيها - أيضًا في الأحْوَال - مُخْتَلِفَة. أنَّ الصِّلْصَال غَير الْحَمْأة، والْحَمْأة غَير التُّرَاب، إلَّا أنَّ مَرْجِعها كُلّها في الأصْل إلى جَوْهَر وَاحِد، وهو التُّرَاب، ومِن التُّراب تَدَرَّجَتْ هَذه الأحْوَال" (١).

ويُحْتَمَل مَا قَالَه بَعْض مَنْ يُعْنَى بِالْعِلْم التَّجْرِيبِي، مِنْ أنه "لَو أرْجَعْنَا الإنْسَان إلى عَنَاصِرِه الأَوَّلِيَّة، لَوَجَدْنَاه أشْبَه بِمَنْجَمٍ صَغِير، يَشْتَرِك في تَرْكِيبِه حَوالي (٢١) عُنْصُرًا".

هي باخْتِصَار كَمَا يَلِي:

"على شَكْل مَاء بِنِسْبَة ٦٥% - ٧٠% مِنْ وَزْن الْجِسْم".

وبَقِيَّة عَنَاصِر تَرْكِيبِه "مَوْجُودَة في تُرَاب الأرْض، ولا يُشْتَرَط أن تَكُون كُلّ مُكَوِّنَات التُّرَاب دَاخِلَة في تَرْكِيب جِسْم الإنْسَان، فَهناك أكْثَر مِنْ مِئة عُنْصُر في الأرْض بَيْنَمَا لَم يُكْتَشَف سِوَى عُنْصُرًا في تَرْكِيب جِسْم الإنْسَان" (٢).

"ولقد أثْبَت الْعِلْم الْحَدِيث أنَّ جِسْم الإنْسَان يَتَكَوَّن مِنْ نَفْس الْعَنَاصِر الْمُكَوِّنَة للتُّرَاب" (٣).


(١) قاله ابن القيم في كتاب "الروح" (ص ١٧٠).
(٢) "مع الطب في القُرآن الكريم". تأليف: عبد الحميد دياب وأحمد قرقوز. (كِتاب إلكتروني).
(٣) الإعجاز العلمي في الإسلام "القرآن الكريم"، محمد كامل عبد الصمد (ص ٩٣).

<<  <   >  >>