للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِرُؤيَة الله في الْجَنَّة .... وقِيل: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) لا تُحِيط بِه، وهو يُحِيط بِها. عن ابن عباس أيضًا.

وقِيل: الْمَعْنَى: لا تُدْرِكه الأبْصَار الْمَخْلُوقَة في الدُّنيا لكنه يَخْلُق لِمَنْ يُرِيد كَرَامَته بَصَرًا وإدْرَاكًا يَرَاه فيه، كَمُحَمّد عليه السلام، إذ رُؤيته تَعالى في الدُّنيا، جَائزَة عَقْلًا، إذ لو لَم تَكُنْ جَائزَة لَكَان سُؤَال مُوسى عليه السلام مُسْتَحِيلًا، ومُحَال أن يَجْهَل نَبِيّ مَا يَجُوز على الله ومَا لا يَجُوز، بل لَم يَسْأل إلَّا جَائزًا غير مُسْتَحِيل، واخْتَلَف السَّلَف في رُؤيَة نَبِيِّنَا عليه السلام رَبَّه (١).

ثم ذَكَر الْخِلاف في ذلك، ومَا جَاء في رُؤيته صلى الله عليه وسلم لِربِّه لَيلة عُرِج بِه إلى السَّمَاوَات (٢)، وقال بعد ذلك: قَوله تَعالى: (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ) أي: لا يَخْفَى عليه شَيء إلَّا يَرَاه ويَعْلَمه، وإنَّمَا خَصّ الأبْصَار لِتَجْنِيس الكَلام (٣).

وفي قَوله تَعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام: ١٥٣] نَقَل عن سهل بن عبد الله - أنه سُئل عن الصَّلاة خَلْف الْمُعْتَزِلَة والنِّكَاح منهم وتَزْوِيجِهم؟ - فقال: لا، ولا كَرَامَة! هم كُفَّار؛ كيف يُؤمِن مَنْ يَقُول القُرْآن مَخْلُوق، ولا جَنَّة مَخْلُوقَة، ولا نَار مَخْلُوقَة، ولا لله صِرَاط ولا شَفَاعَة، ولا أحَد مِنْ الْمُؤمِنِين يَدْخُل النَّار، ولا يَخْرُج مِنْ النَّار مِنْ مُذنبي أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا عَذَاب القَبْر، ولا مُنْكَر ولا


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٧/ ٥٠، ٥١) باختصار.
(٢) للاستزادة يُنظر: "السنة"، ابن أبي عاصم (ص ١٨٨ وما بعدها)، و"شرح أصول أهل السنة"، مرجع سابق (٣/ ٥١٢ وما بعدها)، و"مجموع فتاوى ابن تيمية) " مرجع سابق (٣/ ٣٨٦ وما بعدها)، و"شرح العقيدة الطحاوية" مرجع سابق (ص ٢١٣)، و"أقاويل الثقات" مرجع سابق (ص ١٩٦ وما بعدها).
(٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٧/ ٥٢).

<<  <   >  >>