للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيانهم فإن القرآن غالبًا نزل بلسانهم، فاختلفوا في كتابة {التَّابُوتُ} [البقرة: ٢٤٨] فقال زيد: اكتبوا: التابوه؛ بالهاء، وقال الآخرون: التابوت؛ بالتاء المجرورة، فراجعوا عثمان فقال: اكتبوه بالتاء فإنه نزل بلسان قريش) (١) -أي: في الوقف (٢) - أوَّلًا ثم نزل بسائر اللغات (٣).

(وسألوا عثمان عن قوله: "لم يتسنَّ" فقال: اجعلوا فيها الهاء)، ورُوِي (أنه أرسل إلى أُبَيٍّ يسأله عنها، وعن قوله "لا تبديل لِلْخَلْق"، وعن قوله "فأمهل الكافرين" وبعث ذلك إليه في مكتوب فمحا أُبَيٌّ إحدى اللامين وكتب: {لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]، ومحا الألف من: "فأمهل الكافرين"، وكتب: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} [الطارق: ١٧]، وكتب: {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: ٢٥٩] بإلحاق الهاء فيه) (٤).

فإن قيل: لم أضاف عثمانُ هؤلاء النفرَ إلى زيد ولم يفعل ذلك أبو بكر؟.

قلت: كان غرضُ الصديقِ جمعَ القرآنِ بجميع أحرفه ووجوهه التي نزل بها وذلك على لغة قريش وغيرها، وكان غرضُ عثمان في تجريد لغة قريش من بين الأحرف السبعة التي جمعها أبو بكر (٥).


(١) رواه البخاري ك: المناقب، باب: نزل القرآن بلسان قريش (٣٥٠٦) وفي ك: فضائل القرآن، باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب (٤٩٨٤) وانظر في البخاري حديث (٤٩٨٨) وليس في روايات الحديث ذكر أبي بن كعب فيهم، وقال الحافظ في الفتح ٩/ ١٨: (وعند ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين قال: "جمع عثمان اثني عشر رجلا من قريش والأنصار منهم أُبَيّ بن كعب … ، وكأن ابتداء الأمر كان لزيد وسعيد للمعنى المذكور فيهما في رواية مصعب، ثم احتاجوا إلى من يساعد في الكتابة بحسب الحاجة إلى عدد المصاحف التي ترسل إلى الآفاق فأضافوا إلى زيد من ذكر ثم استظهروا بأُبَيّ بن كعب في الإملاء).
(٢) وذلك أن لسان قريش في التابوت في الوقف بالتاء المجرورة لا بالهاء.
(٣) يوضحه قوله الآتي قريبًا: (وبها أنزل عليه أوَّلًا ثم رخص أن يقرأ بغيرها ثانيًا).
(٤) انظر: الوسيلة صـ ٦٧ والجميلة صـ ٦٩.
(٥) هذا معنى ما في "المقنع" صـ ١٢٠ والإتقان النوع الثامن عشر: في جمعه وترتيبه (١/ ٧٩ - ٨٠).

<<  <   >  >>