للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثابت ومن أضيف إليه من أهل الإتقان والضبط في الرواية والدراية كانوا بمكان عظيم في معرفة الكتابة، وقد اختاره النبي -صلى الله عليه وسلم- لكتابة الوحي، فما كتبوا شيئًا عن عدم التحصيل وضعف المعرفة، فإياك أن تسمع قول قائل: لم يكن العرب أهل الكتاب والأقلام، ففي هجائهم ضعف ونقص في الكلام، وربما يحتج بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نَحْسُب" (١) وبأنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يكتب؛ فإن عدم كتابته كان زيادة دلالة في معجزته كما حقق في تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨].

وأما بقية العرب فكان الغالب عليهم عدم القراءة والكتابة، والحكم باعتبار الأغلب؛ وإلا فجماعة منهم كانوا أرباب الكتابة وهم في الغاية القصوى في المعرفة والفطانة، وكُتَّابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأُبَيُّ بن كعب، وأبان بن سعيد، وخالد بن سعيد بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان (٢)، والعلاء بن الحضرمي، وحنظلة بن الربيع -رضي الله عنهم-، وكل هؤلاء كُتَّابُ الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان الزبير بن العوام، وجهم بن الصلت؛ يكتبان أموال الصدقة، وكان حذيفة يكتب خرص النخل، وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان المداينات والمعاملات (٣)، ولما دخل المصريون على عثمان ضربه رجل


(١) رواه البخاري ك: الصوم باب: قول النبي لا نكتب ولا نحسب (١٩١٣). ومسلم ك: الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال (١٠٨٠).
(٢) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي؛ أمير المؤمنين ولد قبل البعثة بخمس سنين، ذكره الداني في تاريخ القراء وقال: وردت عنه الرواية في حروف القرآن، توفي في رجب سنة ستين. اهـ مختصرًا من غاية النهاية في طبقات القراء ٢/ ٣٠٣ ترجمة رقم (٣٦٢٥) وانظر: الإصابة ٣/ ٤٣٣ ترجمة رقم (٨٠٦٨).
(٣) ذكرهم جميعًا ابن كثير وترجم لكل منهم وذكر ما يدل على كونه كان من كتّاب الوحي في البداية والنهاية ٨/ ٣٢١ - ٣٥٦ وزاد أبا بكر، وعمر، وأرقم بن أبي الأرقم، وثابت بن قيس بن شمّاس،
وخالد بن الوليد، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أبي السرح، وعبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم، وعبد الله بن زيد الأنصاري، والعلاء بن عقبة، ومحمد بن مسلمة، وذكرهم ابن القيم في الزاد ١/ ١١٧ حاشا أبانًا، والعلاء، وجهمًا، وحذيفة، والحصين بن نمير، وزاد على من ذكر هنا أبا بكر، وعمر، وعمرَو بن العاص، وثابت بن قيس بن شمّاس، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن رواحة، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم، وللتوسع انظر: "كُتَّابُ النبي -صلى الله عليه وسلم- " للأعظمي.

<<  <   >  >>