للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما أوقعنا الخلاف في الحذف دون الإثبات؛ لأن الإثبات هو الأصل، وهذا الكتاب موضوع للرسم المبين لمقام الحذف على خلاف القياس.

وأما قوله "وَكِتَابِهِ" فذكر أبو عمرو في الباب المذكور عن نصير خُلْفَ المصاحف في سورة البقرة بأنه في بعض المصاحف بالألف، وفي بعضها بغير ألف، ولم يذكر الذي في التحريم أصلا، وذكر نافع الذي في التحريم أنه بالحذف، ولم يذكر الذي في البقرة، فتحصل من هذا أن ما في البقرة مختلف فيه كما ذكره نصير، وما في التحريم محذوف لا غير؛ لأن نافعًا نقله وليس له معارض ولم ينقل أحد بخلافه (١)، ولا يعارض المفهومُ المنطوقَ بقوله: "وَكِتَابِهِ" عطف على الضمير المجرور في "فيه" فيستفاد الخلاف منه في البقرة لأنها أول موضع وقع فيه، وهو من الربع الأول في القرآن إلا أن ذاك ربما يتوهم أنه إشارة إلى الخلاف، فلو قال:

ونافع بالتحريم حذفًا ارى؛ لأَوْرَى لِلْوَرَى (٢).

فإن قيل: ذَكَرَ لفظَ الكتابِ في باب الحذف في كلمات تحمل عليها أشباهها وأخبَرَ أن الألفَ حُذِفت منه في جميع القرآن ما عدا أربعة مواضع فلِمَ أَفرَدَ هنا هذين الموضعين؟

فالجواب: إنما أفردهما لبيان الاختلاف أو لبيان الناقل بخلاف غيرهما فإنه مجمع عليه، كذا ذكره بعضهم، والأظهر أنه خص هذين الموضعين لمكان الخلاف الشهير ولاختصاصهما بالإضافة إلى الضمير.


(١) كذا جميع النسخ التسع ولعلها (ولم يقل أحد بخلافه) أو (ولم ينقل أحد خلافه).
(٢) في بعض النسخ: (لاورى للوراء)، وفي بعضها (لا دري) ولعلّها كما أثبتُّ؛ أي: لأضاء لهم ورفع ما أوجب التوهم والالتباس.

<<  <   >  >>