للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما بعدُ في تحبيرها (١).

وأما قول الشارح: (فالفاء فيه زائدة كما في قوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (٢) [المدثر: ٣ - ٧]) (٣)؛ فالمحققون لم يرضوا بالزيادة في كلامه سبحانه من غير فائدة ولذا قال القاضي (٤): (الفاء فيه وفيما بعده لإفادة معنى الشرط فكأنه قال وما يكن من شيء فكبر ربك) (٥) انتهى. والمعنى: فعظم ربك بقولك: "الله أكبر" وما في معناه من قوله: الله أجل وأعظم ونحوه في مبناه.

و"السبب": كل ما يتوصل به العبد فيما كسب أو اكتسب، و"سَنَنُ" الطريق؛ مثلثةٌ وبضمتين (٦)؛ نَهْجُهُ وجِهَتُهُ، والروايةُ بفتحِهِما، وجوَّزَ الشارحُ ضمَّهما (٧)، ويجوز ضمُّ السينِ وفتحُ النونِ الأُولى على أنه جمعُ سُنَّةٍ وهي الطريقة الأولى، و"مُختصِرا" بكسر الصاد حال من الضمير في "يهدي"، قال الشارح: (لا من المرسوم؛ لأنه لا يقع فيه الاختصار) (٨) وفيه أنه يلزم من اختصار السبب اختصار المرسوم، مع أنه لا شبهة في أن هذه القصيدة مختصرة من الكتب المبسوطة، على أنه فرق بين الاختصار والاقتصار (٩).


(١) لما كانت الفاء إنما يؤتى بها بعد "أما بعد" وقد جيء بها هنا مع كونها "وبعد" بين الشارح أن الحامل للناظم على المجيء بها أحد ثلاثة أمور: أ- على تقدير أمَّا، ب- أو على توهمها، جـ- أو لئلا يتوهم إضافة بعد إلى ما بعدها فتصير (وبعدَ المستعانِ).
(٢) في نسخة (ز ٤) إلى قوله (فاهجر) وفي سائر النسخ إلى قوله (فاصبر) دون ذكر (ولا تمنن تستكثر) لخلوها من موضع الشاهد.
(٣) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٢٣).
(٤) عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي، صاحب المنهاج في أصول الفقه ومختصر الكشاف في التفسير وغيرها. اهـ مختصرا من طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ٥٩. وذكر السيوطي في بغية الوعاة: أنه توفي عام ٦٨٥ اهـ.
(٥) انظر: "أنوار التنزيل" للقاضي البيضاوي (٢/ ٥٤١).
(٦) مراد المؤلف ما ذكره صاحب اللسان ١٣/ ٢٢٦ بقوله: (وسَنَنُ الطريق وسُنَنُه وسِنَنُه وسُنُنُه؛ نهجه).
(٧) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٢٣).
(٨) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٢٢).
(٩) قال أبو هلال العسكري في الفروق صـ ٣١: (الاختصار: هو إلقاؤك فضول الألفاظ من الكلام
المؤلَّف من غير إخلال بمعانيه … والاقتصار: تعليق القول بما يحتاج إليه من المعنى دون غيره مما يستغنى عنه) وقال الجرجاني في التعريفات صـ ١٧٥: (والقصر في الاصطلاح: تخصيص شيء بشيء وحصره فيه، ويسمى الأمر الأول مقصورًا والثاني مقصورًا عليه).

<<  <   >  >>