للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى الجملة: أنَّ بعد الحَمْدَلَةِ والتَّصْلِيَةِ (١) فالمطلوب منه الإعانة في تحصيل سبب يدل ويشير إلى معرفة طريق مرسوم المصاحف العثمانية في حال الاختصار بضبط القواعد الكلية، المندرج تحتها المسائل الجزئية، إذ لا يتم أمر إلا بمعونة الله تعالى في تكميل القضية، كما يشير إليه قوله تعالى:

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥]؛ أي: نَخُصُّك بالعبادةِ والعبوديةِ، ونخصك بالاستعانةِ في الأمورِ الدينيةِ والدنيويةِ، ولله درُّ من قال من أرباب الحال، شعر:

إذا لم يكن عون من الله للفتى … فأول ما يجني عليه اجتهاده (٢)

وقال آخر من أرباب الكمال، شعر:

من لم يكن للوِصالِ أهلًا … فكلُّ طاعاتِه ذنوبُ

ففي الآية الشريفة رد على الجبرية (٣) والقدرية (٤) وإيماءً إلى مرتبة الجمع (٥) المعتبرة عند السادة الصوفية (٦).


(١) قال الجوهري في الصحاح (٦/ ٢٤٠٢): (والصلاةُ: واحدة الصَلَواتِ المفروضة، وهو اسم يوضع موضع المصدر. تقول: صليت صلاة، ولا تقل تَصْلِيَةً … ويقال أيضاً: صَلَيْتُ الرجل ناراً، إذا أدخلته النار وجعلته يَصْلاها، فإن ألقيته فيها إلقاءً كأنَّك تريد إحراقه قلت: أَصْلَيْتُهُ بالألف، وصَلَّيْتُهُ تَصْلِيَةً)، وقد قال تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة: ٩٤].
(٢) عزاه التنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة (١/ ١٧٧)، والراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء (١/ ٥٣٢) إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وذكره اللبيب في (الدرة الصقيلة صـ ١٦٦) في شرح البيت نفسه من الرائية وعزاه إلى النميري.
(٣) وجهه: أنه أسند الطاعة (وهي العبادة) للمخلوق خلافًا لما زعمته الجبرية من أن لا فعل للعبد.
(٤) وجهه: أنه سأل الله المعونة، فعلم أنه لا استقلالَ للعبد بفعلٍ دون مشيئةِ اللهِ، خلافًا لما زعمته القدرية، من استقلال العبدِ وخلقِه أفعالَ نفسِهِ مخالفين قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله صنع كل صانع وصنعته).
(٥) على حد قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: ٢٨ - ٢٩].
(٦) بل عند سلف الأمة وأئمتها.

<<  <   >  >>