للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

زعم (١) أن مروان (٢) هو الذي قرأ {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] بغير الألف (٣) من تلقاء نفسه.

وهذا كله ظاهر الفساد إذ يلزم من ذلك أن تلك الآية لم يحفظها أحد حتى صُحِّفَتْ وقرئت: {وَقَضَى} ويلزم أن يكون الأمة والأئمة تبعوا مروان فيما جاء به من عند نفسه وهذا زعم صاحب الكشاف (٤) من المعتزلة حيث تَوَهَّم أن اختلاف القراء من الأئمة السبعة مع أن قراءتهم واصلة إليهم بالطرق المتواترة مبني على اختيارهم وَفْقَ القواعد العربية ولهذا كثيرًا ما يطعن فيهم من هذه الحيثية.

والعجب من البيضاوي مع أنه من أئمة أهل السنة (٥) تبعه في هذه القضية كما بينته في تخريج قراءته من تفسيره، بالحاشية المستقلة وأوضحت ما وقع فيه من تقصيره وتغييره، ونقصانه في تعبيره، والله وليُّ دينِه وناصرُ نبيِّه.


(١) الذي زعم ذلك هو ابن شهاب الزهري، قال في الدر المنثور ١/ ٣٥ - ٣٦ (وأخرج وكيع في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داود وابنه عن الزهري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يقرؤونها {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وأول من قرأها {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف مروان، وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب أنه بلغه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد كانوا يقرؤون {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال ابن شهاب وأول من أحدث "ملك" مروان.
(٢) ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، من كبار التابعين وقيل له رؤية، روى عن عمر وعثمان وعلي وزيد، مات في رمضان سنة ٦٥. اهـ مختصرًا من السير ٣/ ٤٧٦ ترجمة رقم (١٠٢).
(٣) جميع النسخ التسع "بالألف" دون زيادة "غير"؛ ولا يستقيم الكلام إلا بزيادة "غير" ويدل لذلك قول المؤلف في شرح البيت (٤٦) (وفي الحديث المذكور رد على من زعم أن أول من قرأ {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} مروان، وكذا كان يقرأ ابن عمر وابن عباس وأبو الدرداء {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف).
(٤) هو أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ولد ٤٦٧ ومات ٥٣٨.
(٥) تقدمت ترجمته في شرح البيت (٦) وقال صاحب كتاب "المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات" ٢/ ٩٥: (له علم بالمعقول وليس له علم بالمنقول عن السلف والرسول، ألف تفسيره على منهج الخلف، لخص فيه عبارة الرازي والزمخشري بل نقل معظم تأويلات الزمخشري إلى تأويله في الصفات، أما مذهبه في تفسيره الأسماء والصفات فمؤول كبير على مذهب الأشاعرة في تأويل الصفات) ثم ذكر نماذج من تأويلاته.

<<  <   >  >>