للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنبأ مسيلمة الكذاب، وهم دون المدينة في وسط الشرق عن مكة على ستة عشر مرحلة من البصرة وعن الكوفة نحوها، وقوله: "أهواها"؛ مِنْ هَوَى يَهْوِي؛ سقط، وفي نسخة: أرداها؛ من ردى بمعنى تردى؛ أي: أغواها وأهلكها، والمراد بها أهلها، والظرفان له (١).

وهذا البيت توطئة لسبب جمع القرآن، ورسم الفرقان، وهذا الكذاب الذي ادعى النبوة كان موجودًا في زمنه -صلى الله عليه وسلم- لكن اشتهر أمره في زمن الصديق، وظهر خبره على يد صاحب التحقيق، وكان كَتَبَ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سلام عليك، فإني قد أشركت في الأمر معك؛ بأن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشًا يعتدون علينا) وكتب النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) (٢) فلما وصل الكتاب، إلى الكذاب، كتمه عن أهل الخطاب، وقال -لغباوته-: وصل إليّ كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشركة معه وزوَّرَ كتابًا فقرأه عليهم فكذبه ثمامة بن مالك بقوله:

مسيلمةُ ارجعْ ولا تَمْحُكْ … فإنك في الأمر لم تُشْرَكْ

كذبت على الله في وَحْيِهِ … هواك هوى الأحمق الأَنْوَكْ

فما في السما لك من مصعد … ولا لك في الأرض من مَبْرَكْ (٣)


(١) الظرف الأول: في زمن الصديق، والظرف الثاني: إذ. والضمير "له" يعود إلى "أهواها".
(٢) انظر: سيرة ابن هشام. فصل: كتاب مسيلمة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والجواب عنه (٤/ ١٨٣). والبداية والنهاية (٥/ ٥٩).
(٣) الأبيات ذكرها مطهر بن طاهر المقدسي في البدء والتاريخ ٥/ ١٦٠، وعزاه لثمامة بن مالك، ولم أجد ترجمة لثمامة بن مالك هذا، والمؤلف نقله هكذا معزوًّا إليه من الوسيلة صـ ٥٣، والمعروف ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عتبة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة الحنفي أبو أمامة اليمامي كما نَسَبَهُ في الإصابة ١/ ٢٠٣ ترجمة (٩٦١)، وليس في نسبه "مالك" كما ترى، وقد عزا هذه الأبيات إلى ثمامة بن أثال كلٌّ من سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي الحميري في الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والثلاثة الخلفاء (٢/ ١١٨)، وحسين بن محمد بن الحسن الدِّياربَكْري في تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (٢/ ٢١٠)، والشيخ محمد بن عبد الوهاب في (مختصر سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- صـ ٢٨٠).

<<  <   >  >>