للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يرسل الجواسيس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينقلون إليه ما سمعوا من القرآن المنزل عليه فيقرأ على رهطه ويقول نزل إليّ هذا القرآن بمثله، ولما ذكر الرحمن؛ سمى نفسه رحمان، فلما تواتر القرآن عنه -صلى الله عليه وسلم- واشتهر؛ بطلت دعوته فأنشأ كلامًا من عنده، وأوهمه قرآنا في زعمه، فجاء بألفاظ ركيكة تنافر عنه الطباع، وتمج منه السماع، كقوله: والزارعات زرعًا، والحاصدات حصدًا، والطاحنات طحنًا، والخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، يا ضفدع بنت ضفدعين، إلى كم تنقنقين، لا الماء تكدرين، ولا الشراب تمنعين (١) وهو مسروق الأسلوب (٢).

وكان يعرف أنواعًا من السحر، ويجعل البيض في القوارير، ويصل جناح الطائر، وكان دميم الخلقة، أصبغ أخينس، بعكس نعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم إنه قدم المدينة مع وفد بني حنيفة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يقول: (لو جَعَل إليَّ الأمر من بعده لاتَّبَعْتُهُ) فقال له: (لو سألتني هذه الشظية ما أعطيتك ولا أراك إلا الذي رأيته في المنام) (٣) وكان -صلى الله عليه وسلم- قد قال قبلُ: (رأيت كأن في يديَّ سوارين من ذهب فنفختهما فطارا) (٤) فأولت ذلك بكذابين يكونان من بعدي، فالمراد بأحدهما مسيلمة، وبالآخر المختار (٥)، على ما ذكره الخيار،


(١) انظر: البداية والنهاية (٥/ ٥٢) و (٦/ ٣٢٥ - ٣٢٦).
(٢) كذا في جميع النسخ التسع، إلا أن في (س) مكتوب بخط صغير تحت هذه العبارة "أي هذا الكلام".
(٣) الحديث روي بألفاظ متعددة فرواه البخاري بلفظ (لو سألتني هذه القطعة .. ) و (هذا القضيب .. ) ك: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (٣٦٢١) وفي ك: المغازي، باب: وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال (٤٣٧٤) في ك: المغازي، باب قصة الأسود العنسي (٤٣٧٩) وفي ك: التوحيد، باب: قول الله تعالى: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن) (٧٤٦١) ومسلم بلفظ (لو سألتني هذه القطعة .. ) ك: الرؤيا، باب: رؤيا النبي (٢٢٧٣).
(٤) رواه البخاري ك: التعبير، باب: إذا طار الشيء في المنام (٧٠٣٤) وانظر في البخاري أيضًا الأحاديث (٣٦٢١) و (٤٣٧٤) و (٤٣٧٩) وقد مرت في الحديث السابق. ومسلم ك: الرؤيا، باب: رؤيا النبي (٢٢٧٤) وانظر في مسلم (٢٢٧٣) وقد مر، وغيرهما.
(٥) ابن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، وأخباره غير مرضية حكاها عنه ثقات مثل الشعبي، وكان قد طلب الإمارة وغلب على الكوفة حتى قتله مصعب بن الزبير بالكوفة سنة ٦٧ وكانت إمارته ١٦ شهرًا، وقد شهد عليه بدعوى النبوة والكذب الصريح جماعة من أهل البيت، وقال ابن حبان في ترجمة
صفية بنت أبي عبيد في الثقات هي أخت المختار المتنبي بالعراق، وأقوى ما ورد في ذمه ما أخرجه مسلم عن أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله قال يكون في ثقيف كذاب ومبير فشهدت أسماء أن الكذاب هو المختار المذكور، وقد قدم أبوه أبو عبيد من الطائف زمن عمر حين ندب الناس إلى العراق فخرج فاستشهد يوم الجسر وبقي ولده بالمدينة وتزوج ابن عمر صفية. اهـ من الإصابة ٣/ ٥١٨ - ٥١٩ ترجمة (٨٥٤٥).

<<  <   >  >>