للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصواب خلاف ما يقول فقد قدمنا ما عليه محققو المؤرخين من ان البربر جنس حامي. ووطنهم الثاني (ليبية) ساكنهم به طوائف من أمم مختلفة. واذن فاللغة البربرية حامية الاصل مشوبة بعدة ألفاظ من الفينيقية وغيرها من لغات الامم التي جاورتهم او استولت عليهم.

والبربرية تخالف اللغات السامية في انها يسوغ فيها الابتداء بالساكن واجتماع الساكنين فاكثر وتقديم المضاف اليه على المضاف. وتوجد فيها كلمات مركبة تركيبا مزجيا وليست اعلاما. وقد ينقلب فيها الفعل اسما والاسم فعلا. ولا كذلك اللغات السامية.

يقول رين: ان اللغة العربية واللغة الفرنسية استعارتا الفاظا من البربرية. وسرد تلك الالفاظ التي يدعى اصالتها في البربرية. وهو ان كان يريد ذلك في العصور الاخيرة فلا منازعة، وان كان يدعي ذلك في القديم فلا انازعه في ذلك بالنسبة الى اللغة الفرنسية فقد يساعده التاريخ على ذلك لان بربر نوميديا مكثوا مع حنبعل القرطاجني سنين بالغاليا وغيرها من جنوب أروبا، واختلطوا بهم في جيش قرطاجنة أيضا واللغات اذ ذاك ضيقة تحتاج الى النقل فلا يبعد ان يكون قدماء فرنسا أخذوا من البربرية.

اما العربية فبعيدة جدا عن البربرية. ولا يعلم في التاريخ وقوع اختلاط بين هاتين الامتين الا ما كان من غزو افريقش لليبية (١). ولكن ذلك لا يؤيد دعوى رين لان المغلوب هو الذي ينقل عن الغالب. على ان علماء العربية تكلموا في الدخيل واعتنوا بتمييزه حتى خصه بعضهم بالتأليف. ولم يذكروا منه كلمة بربرية.


(١) مما يثبت غزو افريقش لليبية ما ذكره ابو يعلى في كتابه تاريخ الزواوة (ص٢٢) انه راى في المجلة الاسيوية ان علماء الاثر اكتشفوا الخط الحميري منقوشا على حجر في بعض قرى أفريقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>