ونحن نجهل- لفقدان المصادر التاريخية- نظام ديانة البربر وشعائر عبادتهم على وجه التفصيل. ولكن من المحقق انهم كانوا- كغيرهم- يتقربون الى آلهتهم بالقاء انفسهم في النار.
والوطن البربري- كما قدمنا- معمور بأمم مختلفة ولغته مزيجة من لهجات. فديانته، كذلك مركبة من عدة ديانات. ومنها ما يشبه ديانة قدماء المصريين. ومنها ما أخذوه عن الفينيقيين ومنها ما نقلوه عن الرومان وكلها ديانات وثنية. وكانت بينهم طائفة اسرائيلية غير وثنية. ولكن نظام معابدها- كما قدمنا- مخالف لنظام يهود المشرق.
ومع انفعال البربر بديانات الامم المجاورة لهم فهم يحافظون على روح عقائدهم الاولى ولا يرفضون منها الا قليلا. ولا يعرف التاريخ دينا غيَّر العقائد وابتعد بها عن الوثنية واعتمد على العقل مثل الدين الاسلامي ومع ذلك لم يطهر البربر من كل ما كانوا عليه. ولكن ما دامت مصادر الدين باقية ومنابعه صافية فليس الذنب ذنب العامة، بل الوزر كل الوزر على كاهل العلماء الجبناء والمدعين للصلاح من الجهلاء.