سيادة قرطاجنة بالجيش والحرب، وحزب بربري غرضه الاحتماء من رومة بالخضوع لمصينيسا. ولو قدر لهذا الحزب الاخير النجاح ما رأى الجزائريون وجوه الرومان وفخفختهم.
لم يكف مصينيسا عن ازعاج قرطاجنة. فرفعت عقيرتها مرارا بالشكوى منه الى رومة التي لم يخف عليها تعدي مصينيمسا. وأخيرا خشيت رومة أن يستولي مصينيسا على قرطاجنة، ويقطع آمالها في امتلاك أفريقية. فوجهت الى أفريقية ثلاثة من الخبراء للبحث في قضية قرطاجنة مع مصينيسا وانصافها منه. فلما بلغوها ورأوا حسن حال قرطاجنة عدلوا عن انصافها خشية أن تعود الى قوتها وتحتفظ بسيادتها على وطن همهم في امتلاكه. حتى أن أحد الخبراء المدعو قاطون CATON لما عاد الى رومة حمل معه تينات طرية من شجرتها ودخل بها مجلس الشيوخ قائلا: "ان الارض التي تنبت هذه الثمرة ليس بينها وبين رومة الا مسير ثلاثة أيام، ومن كلامه أيضا: " ان رأيي ان نهدم قرطاجنة" ولم يزل يكرر هذا المعنى في خطبه. وبعد قليل أصبحت رومة تلفق أسبابا واهية لتبرير حرب قرطاجنة.
أدركت قرطاجنة جور أولئك الخبراء وعرفت أنه لا ينصفها غير قوتها. فكانت للحزب الوطني فرصة لم يضيعها. إذ قام من رجاله جسقون ونظم جيشا جعله تحت امارة أريو برزان حفيد صيفاقس عدو مصينيسا. واخرج حزب مصينيسا من قرطاجنة سنة (١٥٢) فاحتج مصينيسا على ذلك أمام قرطاجنة ورومة. وأخيرا هجم على الحدود فخرج اليه صدر بعل في جيش كثير. وانتهت المعركة بفوز مصينيسا. وذلك سنة (١٥٠).
بلغ خبر هذه الحرب الى رومة فاعتمدتها سببا لحرب قرطاجنة بدعوى أنها نقضت الفصل السادس من مواد الصلح السابق. وشرعت