للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمه. فرأوا أن يبادروا اليه قبل استفحال أمره. فجمع له صيفاقس الجموع وحاربه مرارا حتى أخرجه من مصيليا والتجأ الى السرت الاصغر.

أخرج صيفاقس مصينيسا من عاصمته كما أخرجه هو قبل ذلك بنحو ثماني سنوات. واشتغل بالسرت في طائفة من أصحابه بشن الغارات في تلك الجهات الى أن جاء سبيون الى أفريقية فانضم له وحارب معه حتى سقط صيفاقس في يده وعاد منصورا ودخل قرطة عاصمة سلفه. واعترف له الرومانا بالسيادة على مصيليا. ومنحت مصيصيليا لفرمينة. وفي سنة (١٥٨) استقل بملك مصيليا ومصيصيليا كما كان والده أستقل بهما قبل.

اتسحت من ذلك الحين مملكته وصارت تشمل ما بين طرابلس ومراكش خلا ما كان من التراب النونسي تحت قرطاجنة. وبقي على محالفته لرومة. فكان يمينها في حروبها خلف البحار بالرجال والافيال والحبوب، يرسلها مع أبنائه ليتعرفوا الى الرومان ويقفوا على طبائعهم في وطنهم وسياستهم في عاصمتهم. وكان شيوخ رومة يجازونه على اعاناته المادية بهدايا شرفية من تيجان ذهبية وقضبان عاجية وكراسي عاجية، وعلائل مطرزة بالذهب وحلل.

وكما كان يعينها تلك الاعانات كان يعترف بسيادتها ويقول: " ان رومة هي المملكة الحقيقية. وليس لي من مملكتي الا الاستغلال ".

وكل هذا منه مصانعة وخداع اقتضته السياسة. أما غايته الحقيقية فهي الاستقلال بملك أفريقية الشمالية والقضاء على القرطاجنيين وطرد المطامع الرومانية. وقد أدرك الرومان منه هذه الغاية فاستخدموه في اضعاف قرطاجنة عدوهم القوية. ولما فتحوا

<<  <  ج: ص:  >  >>