بجهات باجة. وانتصر بستيا في تلك المعارك انتصارات باهرة. فازداد خوف بوكوس من غضب رومة. وأرسل إليها يؤكد طاعته لها.
كان يوغورطة يعتقد- عن بصيرة- أن رجال رومة خربوا الذمم لا يمتنعون من الرشوة. فكان إذا أعجزته القوة التجأ إلى المال. فاستمال بهذا الوجه بستيا لما انتصر عليه. فتساهل معه هذا القائد في الصلح. واتفق معه على أن يأخذ منه أفيالا وخيلا وأنعاما وأموالا. وخرج يوغورطة من ورطة هذه الحرب بسلاح الرشوة. وذلك سنة (١١١).
علمت رومة بالصلح فلم ترضه. وأرسلت الى يوغورطة بالحضور ليشرح لدى مجلس شيوخها حقيقة هذا الصلح. ووجهت لسيوس كيوس اليه ليستصحبه معه. فذهب يوغورطة الى رومة ولم يمتنع عن الحضور أمام مجلس شيوخها بعد ما كان محاربا لجنودها. ولما بلغها وجد حوله دسائس شتى. ولكنه أبرع رجل يحسن العوم في مثل هذه اللجج. فتوصل الى استمالة نائب من نواب الشعب. ولما مثل بين يدي مجلس الشيوخ لم يكتف هذا النائب بالمحاماة عنه. بل أمره باحتقار التهم الموجهة اليه وعدم الاجابة عنها. وذلك لئلا يطالب بالبينة على صحة ما يقول. وهو ما لا يجده بحال.
لم يجد شيوخ رومة من استحضار يوغورطة أدنى فائدة. ولم يضره هو حضوره بل استفاد منه. وذلك أنه كان لعمه غولوسة ابن يدعى مصيفا ذهب الى رومة مطالبا بحقه في المملكة، ومشاغبا عليه. فدس له من قتله بواسطة بوملكار. ونجا من تبعته أيضا. وسهل لبوملكار طريق الفرار.
بعد ذلك أمر يوغورطة بالخروج من ايطاليا. فقال عند خروجه من رومة كلمته الخالدة: "إن رومة مدينة مباعة لمن يريد