للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدولة تريد باختيارها لهذا الرجل أن تغسل عنها عار تلك الانهزامات وتحافظ على شرف عظمتها وتؤيد سمعتها الرهيبة.

نزل ميتلوس عوتيقة. فوجد الجنود قد ساءت حالتهم الأدبية وتمردوا عن الطاعة. فأخذ في تنظيمهم. وأراد يوغورطة- على معرفته به- أن يعجم عوده. فأرسل اليه يلاطفه ويداهنه. فلم يكن بضاعته هذه المرة رائجة لاخلاص ويقظة هذا الروماني. ولم يكن هو يعتقد رواجها فاستعد للحرب.

جمع يوغورطة بكل نشاط جنوده وقسمهم إلى فرسان تحت قيادته ومشاة معهم الأفيال تحت قيادة بوملكار. وكان الجيش الروماني على قسمين أيضا: أحدهما برئاسة ميتلوس، والآخر برئاسه مريوس.

في سنة (١٠٨) تقابل الجيشان بشمال تبسة، بعدما استولى ميتلوس على باجة، واشتد القتال من الجانبين. وأخيرا دارت الدائرة على يوغورطة. وشعر بعجزه عن مقاومة الرومان بالقوة. فجبر عجره ذلك بقوة دهائه. وأخذ يتقهقر بانتظام نحو الصحراء والقفر. وعلم البربر ضربا جديدا في القتال لئلا يجر عليه تقهقره انهزاما عاجلا: أوصاهم بعدم الكف عن اقلاق الرومان بالغارات من دون انقطاع، وان لا يصطفوا لهم بل يكونون جماعات متفرقة تكر إذا رأت في العدو غرة وتفر ان رأت الفر خيرا. ومن هذا الحين تعلم البربر حرب الكر والفر. وبهذا الاسلوب الحربي الجديد لم يتمكن لميتلوس أن يتمادى في انتصاراته على يوغورطة.

جبر يوغورطة انهزامه باختراع حرب، الكر والفر. وصار يتأخر نحو الصحراء، كي يبعد عدوه في القفر ثم ينقلب عليه فيشتت شمله. ولكن ميتلوس شعر بذلك. فلم يتتبعه. وبقي جيشه بشمال تبسة

<<  <  ج: ص:  >  >>