الجنوبية التي ربما تنبعت منها أشعة للحياة الاستلالية بالجهات الشمالية.
حقا ان رومة كانت تعمل لاسقاط الملك البربري، وحقا ان تداخلها هو الذي اسقطه، وحقا ان استمرار حياته- مع استمرار ذلك التداخل- امدا غير قصير مما يدعو الى العجب والتنقيب عن السبب. ولكن هل نعفي البربر من تبعة ذلك السقوط؟ وهل تستطيع رومة ان تخرب ملكهم لو لم يخربوا هم أنفسهم بيوتهم بأيديهم: وأيدي أعدائهم؟
نرجع الى الصحائف السابقة نجد فيها جواب هذين السؤالين.
ذلك أن تداخل رومة أخذ يتزايد في عصر يوغورطة واشتد بعده. وفي هذه المدة كانت ملوك البربر من أسرتين: أسرة نوميديا قديمة أسسها نرافاس، وأخرى موريطانية مبلغ علمنا عنها أنها حديثة أسسها بوكوس الاول.
ومن الاسرة الاولى كان ابطال الاستقلال البربري. ومن وجد منها مؤيدا للرومان- مثل مستنابعل وهميصال الثاني- على الاحرار من جنسه لم نجد له ضررا كبيرا ولا أثرا عميقا في هدم الملك البربري. أما الاسرة الثانية فقد كان مؤسسها بوكوس عاملا في القضاء على يوغورطة، وحفيده قتل يرباص، وابناه اعانا قيصر وتسببا في انتحار يوبا الاول.
واذن نقول: ان على البربر تبعة سقوط تلك الممالك، وهم الذين أعانوا الرومان على بلوغ غايتهم، وان زعماء هذه الطائفة المارجة هم بوكوس وعقبه. غير أنا لا نقول: أنهم تسببوا في السقوط قصدا، وأعانوا الرومان حبا فيهم وبغضا لجنسهم. ولكن نرى أن سياستهم مبنية على الجبن وخشية الرومان، والطمع في بسط