النفوذ وسعة السلطان. أما خوفهم من الرومان ففي غير محله: لان البربر بوطنهم ومعاقلهم الطبيعية أمنع من أن تأخذهم أمة بالقهر والغلبة. وأما طمعهم في التوسع على حساب غيرهم فانما يحققه ويستفيد منه من جمع بين القوة والدهاء والشجاعة. وهؤلاء الملوك لم يكونوا كذلك. ولذالك استغل الرومان أعداؤهم الحقيقيون جهودهم، وقضوا بهم وطرهم.
وقد جاء يوبا الثاني بعد سقوط الملك البربري- وهو من الاسرة الاولى- فكان عليه ان يعمل لتجديده وتحقيق ما كان يأمله سلفه. خصوصا وهو يعلم أن قيصر هو الذي قضى على حياة والده، وقسم مملكته يبن أعدائه، وتربى في رومة، ودرس تاريخها. ولكنه رجل انهمك في المعارف وانقطع للعلوم ووقذته الحضارة. فلم تكن له روح مصينيسا ومصيبسا التي جمعت بين العلم والمحافظة على القومية. ولذلك صار يرى لرومة فضلا عليه ان منحته بعض ما كان يرثه من أبيه. فخدمها باخلاص. وهيأ لها الوطن البربري كي يتولى ادارته بنوها من غير واسطة. فكان عصره ومدة ابنه خاتمة لذلك الملك وتتمة لذلك السقوط.
أقدم من عرفاه من ملوك بربر الجزائر نرافاس. وكان موجودا سنة (٢٣٨) ق. م. وآخرهم بطليموس المقتول سنة (٤٠) م. فكان عمر الممالك البربرية العظمى نحوا من ثلاثة قرون.
لم ننسب ملوك البربر الى قبائلهم لان الباحثين في هذا الدور من مؤرخي اليونان والرومان الذين أخذ عنهم مؤرخو الافرنج لا عناية لهم بالبحث في القبائل. وانما فعل ذلك مؤرخو العرب. وهم إنما عرفوا البربر ودونوا اخبارهم وفصلوا قبائلهم بعد الفتح على عهد الاسلام.