فشا الجور والارتشاء في جميع ولاة الرومان. واصبحت غايتهم الوحيدة هي الحصول على الثروة بأية وسيلة. ولم تتبق الوضائف مسندة الى مستحقيها. وحدثت برومة نفسها أهوال من تنافس العظماء. وصارت القوانين ضعيفة أمام ذلك كله.
ساءت من ذلك حال الامة. ولم تجد في الجمهورية ما يحسن حالها ويخفف من ويلاتها، فاجتوتها، وتواطأ على اجتوائها أهل رومة وأهالي الولايات التابعة لها.
وبينما الأمة في انتظار الفرج لهذه الازمة اذ ظهر يوليوس قيصر. وحاول تغيير شكل الحكومة بجعلها امبراطورية. فقام في وجه الجمهوريون، وانتصر عليهم بايطاليا ثم أفريقية ثم الاندلس. ولما عاد من الاندلس سنة (٤٥) ق. م سمي برومة متصرفا مستبدا مدة حياته فحارب الجمهوريين بالسياسة كما كان حاربهم بالسيف. واضعف نفوذ مجلس الشيوخ، فصار مجلس استشارة فقط. وكان عددهم سبعين في نقل ابن خلدون عن هروشيوش أو (٣٢٠) في نقله عن ابن كريون أو (٣٠٠) على ما ذكر ماليت، فاضاف اليهم. يوليوس قيصر شيوخا من أهل الولايات التابعة لرومة. فبلغ عددهم (٩٠٠).
فرحت الامة بيوليوس قيصر لحسن ادارته وكفاءة ولاته. ولكن الجمهوريين كانوا ناقمين عليه. وتمكنوا من قتله في مجلس الشيوخ نفسه سنة (٤٤) ق. م.
وكان الجمهوريون يظنون أن في ذهاب قيصر رجوع نفوذهم. ولكن الامة كرهت سياستهم، وسئمت من الفتن التي كانت على عهدهم، واستبشرت بقيصر ووجدت فيه بغيتها، فزادها قتله نفورا من الجمهوريين.