وهذه الفرقة هي ذات القول الصحيح والحجة القويمة، هي التي صدقت التاريخ ولم تتأثر بدعاية ممجدي الرومان ومكبري شأنهم.
قال بيروني: ويمكن اسناد سقوط الحضارة الرومانية بأفريقية الى ثلاثة أسباب:
١ - فساد الاخلاق الرومانية، وذلك لكثرة الملاهي والمنتزهات.
٢ - نقص الرومان الذين بيدهم تسيير الحضارة، وذلك ان كثرة الملاهي تضعف اليد العاملة فيقل الفلاحون والنوتيون وغيرهم.
٣ - وجود الديانة المسيحية، وذلك بما حدث فيها من الاحزاب المتباغضة.
قال بيروني:"والسبب الحقيقي لسقوط الحضارة اللطينية من افريقية هو عدم استقلالها استقلالا يحفظ بقاءها بعد سقوط رومة" وفي هذا الكلام شيء من الابهام. فان أراد من الاستقلال استقلال الرومان العاملين على نشرها سياسيا واداريا فهذا لا يكفي لحفظها من السقوط لان الجنس الاصلي بهذا الوطن غير مقبل عليها اقبالا يحفظها بعد الرومان. فان قال: ان الرومان لو استقلوا بأفريقية لبقيت لهم سلطتهم وحضارتهم، ولم يضرهم ما يصيب الامبراطورية برومة قلنا ان سلوكهم مع الجنس الاصلي لا يضمن بقاء سلطتهم. بل لو استقلوا عن رومة لتعجل سقوطها. وهذا بونيفاس لما أراد الاستقلال احتاج الى الاستعانة بالوندال. على ان للدول مثل الاشخاص أعمارا تنتهي بانتهاء آجالها طالت أو قصرت.
وان أراد من استقلال الحضارة اللطينية بأفريقية الشمالية ان تكون بيد الجنس البربري فصحيح ان تبقى بعد سقوط رومة كما بقيت حضارة قرطاجنة بعد سقوطها. ولكن الرومان ليس غرضهم من