وصاروا يتحكمون في تنصيب الامبراطور. فأصابت أروبا والمملكة الرومانية منهم جوائح الفتن وارتفع الامن وذهب العمران.
والجزائر- كبقية الشمال الأفريقي- كانت في هرج من أجل تنافس الاحزاب المسيحية وثورات بعض المتطلعين الى الاستقلال من البربر والرومان. ولكنها لم تزل أحسن حالا من أروبا وانعم بالا منها.
ولما استقر الوندال بالاندلس اتخذوا سفنا لخوض لجج البحر الابيض المتوسط. فكانوا ينظرون الى شمال أفريقية من كتب. ومع علمهم بضعف رومة وجرأتهم على ولاياتها بأروبا لم يجرأوا على افريقة. فبقوا ينتظرون سنوح الفرصة لهم بفتحها، حتى وجدوا في الكونت بونيفاس تحقيقا لأمانيهم وانجازا لآمالهم.
في سنة (٤٢٢) سمي بونيفاس واليا على أفريقية. وفي سنة (٤٢٣) توفي هنوريوس، وتطلع الى خلافته أناس، ووقعت رومة لذلك في هرج، وكانت بيلاسيدية أخت هنوريوس بالقسطنطينية، ومعها ولدها من قسطانس قائد هنوريوس. تزوجته بعد قتل اتولف. وتداخل امبراطور القسطنطينية ثأدوسيوس بن ارقاديوس أخي هنوريوس في عرش رومة. فنصب به ابن عمته بلاسيدية باسم ولنتنيانس الثالث تحت كفالة أمه. وذلك سنة (٤٢٤).
لما أفضى الامر الى بلاسيدية فوضت لبونيفاس في التصرف. فخدم دولته خدمة صادقة، وصار من عظماء الحكومة. فحسده لذلك بعض منافسيه. وقام بدور السعاية به مع بلاسيدية قائد عام يدعى ايتيوس. وأخذ يدس عليه الدسائس معها حتى أصغت اليه وعزلت بونيفاس من ولايته سنة (٤٢٧).
كانت المصلحة الشخصية أغلب على بونيفاس من المصلحة العامة.