للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يمتثل أمر العزل، ولم يبال بما يصيب دولته من شغبه عليها وهي على فراش الاحتضار. وصممت الامبراطورة على عزله. وعززت أمرها بالقوة العسكرية. فحاربها بونيفاس، وهزم جنودها. فعادت لحربه في السنة التالية. ووجد هو موقفه حرجا، البربر أهل الوطن ضده، ودولته تحاربه، وارادته أبت من الامتثال للعزل. فأراد أن يستعين على الخلاص من الازمة بالاجنبي. فاستنجد الوندال على أن يمنحهم غرب المملكة الرومانية بأفريقية الى وادي مساغا، ويسلموا له في شرق هذه المملكة، يبقى به مستقلا (١) فأسرع الوندال الاجابة.

وفي سنة (٤٢٩) نزل الوندال والسويف والألان وغيرهم من أمم القوط بموريطانيا الطنجية. وأنبثوا في الوطن البربري كالجراد المنتشر. قال مرسيي: "وكان عددهم ثمانين ألفا المقاتلون منهم خمسون ألفا".

وفي هذه المدة كان القديس أغسطين يسعى في الصلح بين بونيفاس والامبراطورة. فأدركت أخيرا غلطها وتحققت الدسيسة. فرضيت عنه وأعادت عليه منصبه، ولكن بعد نزول الوندال بموريطانيا.

ولما عاد بونيفاس الى منصبه ندم على اتفاقه مع الوندال فأرسل اليهم أن عودوا الى الاندلس، واخرجوا من المملكة الرومانية! فلم يسرع الوندال الى اجابته هذه المرة، بل تمادوا في سيرهم. وعدوا أمر بونيفاس هذا ناقضا لاقفاقهم معه. فلم يقفوا عند حد وادي مساغا، وتعدوه الى نوميديا. وصدق على سياسة بونيفاس معهم المثل العربي: "لَا هَنَكِ أَنْقَيْتِ وَلَا مَاءَكِ أَبْقَيْتِ".


(١) اين الثرى من الثريا؟ أين بونيفاس من خالد بن الوليد (ض) الذي كان قائدا عاما وغازيا منصورا، فلما عزله عمر (ض) امتثل ورجع تحت لواء أبي عبيدة جنديا مخلصا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>