ولما رأى بونيفاس تقدم الوندال في الوطن تهيأ لحربهم، وجمع جموعه. فالتقى الفريقان قرب قالمة. ودارت الدائرة على بونيفاس، ففر الى بونة، وتحصن بها. وذلك سنة (٤٣٠).
وبعد فراره قسم الوندال جنودهم قسمين: قسما تركوه للاستيلاء على نوميديا، وآخر وجهوه لحصار بونة. فكان الاول يفتح مدن نوميديا بمساعدة اتباع دونتوس، ويبطش بالارثذوكس، وكان الثاني يجمع جثث القتلى في خنادق حول المدينة ليفرق من منظرها المحصورون.
وفي سنة (٣١) أرسلت بيلاسيدية نجدة الى بونيفاس تشجع بها، وخرج لقتال الوندال. ولكنه انهزم أمامهم. فدخلوا المدينة، ونهبوها، وحرقوها. وايس بونيفاس من المقاومة، فترك الوطن لفاتحيه، وذهب الى الامبراطورة، فأكرمته، ورفعت منزلته، ولم تؤاخذه على خسارة وطن هو حياة رومة لعلمها بأن لها يدا في ذلك باصغائها للوشاة.
وبفتح بونة وذهاب بونيفاس تم للوندال فتح الوطن الجزائري (موريطانيا ونوميديا) وذلك في مدة عامين.
ويجب ههنا أن نتذكر سير الاستيلاء الروماني على الجزائر. فقد تقدم أنهم تعرفوا الى هذا الوطن سنة (٢١٣) ق. م وشرعوا في تحقيق استيلائهم عليه من سنة (٤٦) ق. م الى سنة (٤٢) للميلاد. أما الوندال فلم تتقدم لهم معرفة به، ولم يمكثوا في فتحه غير عامين. وهذا مما يبعث على البحث في سبب الفرق الكبير بين سير الاستيلاءين.
لا يصح أن ترجع سرعة الاحتلال الثاني وبطء الاول الى تفوق الوندال على الرومان في السياسة والجندية. فان الواقع يشهد