بعد قراءة ما تقدم في الحكم بضعفها منذ نشأتها في المهد الى حين وضعها في اللحد. ومنشأ ضعفها أولا بعدها عن مركز الامبراطورية. ذلك البعد الذي جعل الاباطرة لا يستطيعون امدادها بالقوة، والذي جرأ الولاة على الجور والاستبداد. وثانيا مقاومة البربر لها من غير انقطاع وفوزهم عليها في كثير من البقاع.
ولم يأت من الولاة من هو ذو قيمة ادارية وحربية غير اربعة:
١ - بليسير. وغاية عمله انه قضى على الوندال.
٢ - سليمان. وغاية عمله انه فتح أوراس ووسع حكومة الروم بالجزائر وشاد البناءات. ثم مات مصطليا بنار الثورة. وعاد توسعه في وطن الجزائر ضررا على الروم لان البربر لم ينفكوا يهاجمونهم.
٣ - يوحنا طرغليطا. بقي يدير حكومة الروم عشرين سنة لم يجن فيها غير اخضاع أنتلاس.
٤ - جناديوس. وهذا استرجع بعض المدن التي افتكها البربر من الروم. ولكن البربر حاصروه سنة (٩٧) بقرطاجنة. ولم ينج من الحصار الا بطلب الصلح منهم ثم غدر بهم.
ومع ضعف سلطان الروم وضيق نطاق نفوذهم وعدم كفاية ولاتهم واخلاصهم كانوا مشتدين على من تحت سلطانهم من البربر. قال بيروني:"ومن المحقق ان الولاة البيزنطيين كانوا قساة اصحاب طمع".
ولقد زاد في ضعف السلطة الرومية بالجزائر ضعف مركز الامبراطورية. فقد توفي يستنيان سنة (٥٦٥) وخلفه اباطرة ليست لهم عظمته وشغلوا عن أفريقية بحروب الفرس وغيرهم. وفي سنة (٦٠٢) دخل فوقاص القسطنطينية بجنود من الدنوب. وقتل الامبراطور موريس. وانتصب مكانه.