وقد عنيت بالبحث عن تعيين حدود هذه المملكة بالجزائر فلم أظفر برواية شافية، وقد ذكر ابن الصغير في كتابه اخبار الايمة الرستميين ان عبد الوهاب ثاني ايمتهم " دان له ما لم يدن لغيره حتى انه حاصر مدينة طرابلس وملك المغرب بأسره الى مدينة يقال لها تلمسان، وأجمعت عليه كلمة الناس الى أن حدثت الفرقة بتداخل العامة في شؤون الملك وطلبها عزل قاضي تيهرت وصاحب بيت المال وصاحب الشرطة، فلم يجبها عبد الوهاب، وحدثت الفتنة".
وهذه الرواية على اجمالها تفيد ان امتداد المملكة الى ناحية تلمسان انما كان أيام عظمة عبد الوهاب قبل حدوث الفتنة، ونقل الباروني عن أبي عبد الله الينا الذي ألف كتابه سنة ٣٧٥ نسبة مدن كثيرة الى تيهرت، وبنى على هذه الرواية قوله:"كل المدن والقرى الواقعة بين الزاب وفاس وسحلماسة داخلة في مملكة تيهرت".
وهذا بناء على غير اساس، أما أولا فان البنا لم يذكر أن تلك المدن تبعت تيهرت ايام الرستميين، وقد ذكر منها وهران التي أسست سنة ٢٩٠ وأفكان التي أسست سنة ٣٣٨ واما ثانيا فان اضافة تلك المدن الى تيهرت انما هي لكونها اشهر مدن الاقليم يومئذ فهي اضافة جغراقية لا سياسيه، وقد ذكر من الامصار برقة واضاف اليها مدنا لشهرتها بذلك الاقليم ليس الا، واما ثالثا فان أكثر تلك المدن كان تابعا للعلويين أو الاغالبة كما يأتي في البابين الثالث والرابع، وتقدم ذكر ما كان منها تابعا للامارات الاباضية غير الرستمية، ولكن يظهر أن من تلك الامارات ما انفصل عن تيهرت بعد الثورة على عبد الوهاب.
ويمكننا ان نحد الجزائر الرستمية بعد انفصال تلك الامارات عنها بتلول منداس شمالا الى قرب غليزان. ويذهب الخط جنوبا من هناك