الى فرندة وينعطف شرقي جبل العمور لان أهله يومئذ بنو راشد وهم غير اباضية وأولو قوة. ومن هنالك يذهب الى وطن ميزاب الى ورقلة. هذا في الجهة الغربية. ومن الجهة الشرقية يذهب الخط الى تيسمسيل والسرسو ويتصاعد الى ثنية الاحد. ويذهب مثسرقا الى قصر البخاري وأعالي وادي شلف. ويذهب جنوبا شرقي الاغواط الى تقرت ووادي ريغ. ويظهر ان هوارة أوراس خارج هذا الخط كانت خاضعة لتيهرت للعصبية المذهبية.
هذا ما هدانا اليه البحث وطول التروي واجالة النظر في طبائع السكان ومذاهبهم وقوتهم يومئذ. ولا يعرف ما في ذلك من عناء الامن خاض أمثال هذه المواضيع. وخانته الرواية. وحمله دينه على الامانة. وكلفته عنايته بالقارىء الايضاح.
وبعد فاننا نجهل مبلغ النفوذ السياسي للرستميين في هذه المملكة. ويظهر من حديث ابن الصغير عن أسباب حدوث الخلاف على عبد الوهاب ووقوع تلك الفتنة ان نفوذهم ذلك لا يعدو تيهرت. وهاك ملخص كلامه. قال:
"كانت قبائل مزاتة وصدراته وغيرهم ينتجعون في فصل الربيع احواز تيهرت. فيدخل رؤساؤهم المدينة وينزلون على اخوانهم بها. فيبرون ويكرمون. ثم يخرجون الى نعمهم فيقيمون معها الى ظعنهم.
وفي سنة الفرقة اجتمع من المنتجعين عدد كثير لم يجتمع قبل. فلما دخلوا المدينة وخلا وجوه كل قبيلة من سكانها باخوانهم النازلين عليهم شكوا اليهم جور القاضي وخيانة صاحب بيت المال وفسق صاحب الشرطة. وطلبوا منهم ابلاغ ذلك الى الامام عبد الوهاب. ففعلوا. وسألوه عزلهم وتولية من هو خير منهم. فأبى ذلك حاشية الامام. وكانت الفتنة".