وصهر له على أرض. وترافعا الى أفلح فردهما الى القاضي. فسبق أبو العباس. وجلس حذاء القاضي واستسقى جاريته. وبصر الخصم بمنزلة أبي العباس. فجلس خارج الباب. فلما رآه القاضي سأله عن موقفه. فأخبره الخبر. فغضب من هذا التحيل. ووبخ أبا العباس. واستدنى الخصم وسقاه ماء اظهارا للمساواة. وهذا أصل القضاء الاسلامي اذ يوجب التسوية بين الخصوم.
ولنفوسه المنزلة السامية. فهم الذين يعينون الائمة فمن دونهم. ويشاركهم زعماء القبائل في النظر في الامور العامة. يجمعهم الامام بالمسجد اثر الصلاة.
وللحكومة جند من العرب والعجم. وجل الاعتماد على القبائل الموالية لها. وكان للماية وحدهم ثلاثون الف فارس. والمالية تجمع من الزكوات والجزية وخراج الارضين. قال ابن الصغير متحدثا عن الجباة ومصارف مال الجباية:
"يخرج أهل الصدقات أوان الطعام. ويأتون أهل النعم. فيقبضون الواجب لا يظلمون ولا يظلمون. فالطعام يدفع للفقراء. والشاة والبعير تباع. ويدفع منها عطاء العمال. وما بقي يوزع على الفقراء. فيحصون من في البلد منهم ومن حولها. ويحصى ما في الاهراء من الطعام. ويشترى من باقي مال الصدقة اكسية صوف وجباب وفراء وزيت. ويدفع لاهل كل بيت بقدر ذلك. ويؤثر بأكثر ذلك الاباضيون. وما اجتمع من الجزية والخراج وما أشبه ذلك يقطع منه الامام لنفسه وحشمه وقضاته وأهل شرطته والقائمين بأموره ما يكفيهم في سنتهم. وما فضل صرف في مصالح المسلمين".
وهكذا ترى أن مالية الدولة على ضيق مواردها يرد أكثرها على فقراء الامة لبساطة النظام وانحصار المملكة في تيهرت وما حولها.