السعايات، فتخير المهدي من وجهاء كتامة عروبة بن يوسف واخاه حباسة، وامرهما بقتل ابي عبد الله وأخيه ابي العباس، ولما حمل عروبة على ابي عبد الله قال له لا تفعل! فأجابه:"الذي امرتنا بطاعته أمرنا بقتلك! " فقتلا معا يوم الثلاثاء منتصف جمادى الاخيرة سنة ٢٩٨ وتلك عاقبة كل ساع في تأسيس دولة لغيره.
ابو عبد الله هو مؤسس الدولة العبيدية على الحقيقة، كان عالما يقظا سياسيا داهية حربيا ماهرا زاهدا متقشفا، وهو الذي يقول لما أطل بجيوشه على طبنة من فج زيدان:
من كان مغتبطا بلبن حشية (١) ... فحشيتي واريكتي سرجي
من كان يعجبه ويبهجه ... نقر الدفوف ورنة الصنج
فانا الذي لا شيء يعجبني ... الا اقتحامي لجة الوهج
سل عن جيوشي اذا طلعت بها ... يوم الخميس ضحى من الفج
ومع ما قاساه في تأسيس هذه الدولة لم يتمتع فيها بما كان يرجوه من علو الكعب فخسر الدنيا والآخرة، وصدق عليه المثل "لا هنك أنقيت ولا ماءك أبقيت".
قال القاشي ابو عبد الله بن حمادي كتابه اخبار ملوك بني عبيد:"وكان مما أحدث عبيد الله المهدي ان قطع صلاة التراويح وامر بصيام يومين قبل رمضان. وقنت في صلاة الجمعة قبل الركوع، وجهر بالبسملة في الصلاة المكتوبة، واسقط من اذان الصبح، "الصلاة خير من النوم" وزاد حي على خير العمل محمد وعلي خير البشر، وكذلك كان الاذان مدة بني عبيد".
(١) هكذا جاءت هذه العروض بخلاف ما بعدها في البكري. والوهج لعله الرهج.