حافظت بها على ممالكها، وملكت بها مصر والشام. وغزت بها سواحل إروبا، وفتحت جنوة من بلاد ايطاليا، ولكن عنايتها بفتح العالم الاسلامي أشد!
وكانت تجبر الناس على العمل بمذهبها، فتشيع كثير من أهل العالم رغبة أو رهبة، وامتحن كثيرون من أجل ترك البسملة في الفريضة وترك "حي على خير العمل" في الاذان، وكانت لا تسمع في ولاتها من يشكو جورهم تأليفا لهم اذ لا غنى لها عنهم واضعافا للرعية حتى تأمن ثورتها، ورفع الناس مرة إلى عبيد الله أن القاضي المروزي يرتشي ويقتني الاموال. فلم يرفع لها رأسا. فرفعوا إليه انه يقدح في الدولة فعزله وعذبه ثم قتله.
وأحدث بنو عبيد الخراج على الأرضين قال محمد ابن الحارث وهو ممن أدرك أوائل هذه الدولة:"امتحن مالك بن عيسى القفصي بصحبة عبيد الله. وبتعديل الارض له لتوظيف الخراج الذي يسميه المقسط. " اهـ.
ولم يكن للعبيديين ثقة بأهل المغرب. فشرع المهدي من فوره في تأسيس المهدية، واختار لها موقعا حربيا مهما. وبالغ في تحصينها.
وانتقل اليها سنة ٣٠٨ وقال انما بنيتها لتعتصم بها الفواطم ولو ساعة من نهار. ولما فتح المعز مصر بادر بالانتقال اليها. وأوصى خليفته بلقين بن زيري بوصايا. وقال له:"ان نسيت شيئا فلا تنس هذه الوصايا: ان لا ترفع السيف عن البربر وان لا ترفع الجباية عن أهل البادية وان لا تولي أحدا من قرابتك لئلا يطمعوا في أمرك، وان تحسن الى أهل الحاضرة " اهـ.
هذه الوصايا تصور لك حرص الحكومة على استعباد الامة وتلك سياسة كل حكومة أجنبية انتفاعية. وانما أوصاه خيرا بأهل الحاضرة