هي باتنة المعروفة اليوم بجبل أوراس، وانهزم ابو يزيد في هذه المعركة هزيمه نكراء.
وفي غرة رمضان رحل المنصور لحصار أبي يزيد بكيانة، فاحاط بالجبل، وكانت حروب شديدة دامت الى المحرم سنة ٣٦ ففيه قتل ابو عمار الاعمى. وقبض أبو يزيد مثخنا بالجراح. فأمر المنصور بمداواته والاحسان اليه لكن الدم نزفه فمات في آخر المحرم، فأمر المنصور بسلخه وحشو جلده، قطنا وطيف به في البلاد ثم صلب.
وقد كلفت هذه الثورة الحكومة انفاق أموال طائلة وشغلتها مدة مديدة، فكان السرور بانتهائها عظيما، وانشدت الشعراء في ذلك القصائد والمقطمات. فمن ذلك قول أحدهم وقد اوقن بقبض أبي يزيد:
يا مخلد بن سبيكة ... يا شر بيت في العشائر
ذق ما جنته يداك قبـ ... ـل من الصغائر والكبائر
ذق هول شقك للبطو ... ن وما ارتكبت من الجرائر
يا شر من بكيانة ... وكيانة شر البرابر
وقبل القبض على ابي يزيد ظهر باوراس ثائر آخر. شاب أمرد من أهل القيروان، كان يشتغل بكتب الصوفية، واجتمع عليه في ثورته قبائل كثيرة من زواوة وصنهاجة وعجيسة، فقبض عليه وعلى بعض اتباعه جعفر بن علي صاحب المسيلة.
وكتب الى المنصور وهو بطبنة يخبره خبرة، ثم جاءه به مقيدا على جمل وعلى رأسه طرطور مشهر، فأمر بسلخه حيا وحشو جلده قطنا ووضعه في تابوت، وكان يصلبه اينما حل ارهابا للناس.
وبعد القبض على ابي يزيد بقي أبناؤه وبعض اتباعه على ثورتهم، فلما كان المنصور عائدا الى المهدية هجم على ساقة جيشه