وخلفه ابنه جعفر، وكان له غناء في ضائقة الدولة بثورة صاحب الحمار، واهدى للمضور لما نزل بطبنة هدايا جليلة منها خمسة وعشرون فرسا ومثلها نجباء، فعقد له على عمل ابيه، ووازره أخوه: فنبه قدره وعظم شأنه.
ولما عقد المنصور لزيري بن مناد على عمل اشير بارى جعفرا في خدمة الدولة ونافسه اسباب الرفعة، وكان للدولة صاغية اليه والى ابنه بلقين، فأخذا يرميان جعفرا بالميل الى زناتة حتى اوغرا عليه صدر المعز بن المنصور، فلما عزم عله الرحيل الى مصر اشيع انه مستخلف لبلقين، فعظم على جعفر أن يبقى تحت ولاية منافسه، ثم بلغه أن المعز أرسل اليه أحد مواليه يستقدمه ويطمعه في خلافته، فقويت استرابته وغادر المسيلة في أوليائه بني برزال، ولحق بزناتة سنة ٦٠ فجهز المعز زيري أثره، فكانت حرب صرع فيها زيري. واحتزت رأسه. وذهب بها الى المستنصر الاموي وفد من وجوه زناتة يرأسهم يحي بن علي. فمهد الامر لاخيه جعفر ولحق به.
بقي جعفر واخوه بالاندلس مرموقين بعين التجلة والاكبار تكتفي الدولة بهما وبمن معهما من زناتة في مهماتها، واستعان المنصور ابن ابي عامر بجعفر وشيعته بني برزال على نكب رجال الدولة المزاحمين له فلما قضى عليهم حشي جعفرا فقتله وفر يحي الى مصر فنزل على العزيز بن المعز الى أن مات.
وهكذا انتهت حياة جعفر كما تنتهي حياة كل عظيم خطير. فر من المسيلة خشية من العز فبطش به المنصور بن ابي عامر الذي اضطره الدهر لصحبته:
واذا خشيت من الامور مقدرا ... وفررت منه فنحوه تتوجه
وقد ام جعفرا بالمسيلة ابو القاسم محمد بن هانئ اديب الاندلس