مؤنس بن يحي واصهر اليه واسكنه ببعض قصوره بالقيروان.
فحسنت معه نية مؤنس وعاد تشاؤم المعز بمقدمهم تفاؤلا. ففكر في اتخاذ جند منهم يتقوى بهم على بني عمه الحماديين. وعرفه مؤنس عواقب دخول العرب مملكتهم. وحذره فسادهم. فأبى الا استقدامهم. فذهب اليهم مؤنس بدعوى المعز. فقدموا ولكن بدعوى المستنصر الفاطمي واخذوا يعيثون في الارض فسادا.
ساءت نيه المعز مع مؤنس واتهمه باغراء العرب على الفساد.
فقبض على أخيه واهله بالقيروان. فورم أنف مؤنس لفعلته، وجمع العرب ووضع بين أيديهم زربيه قائلا: هل يستطيع احد ان يبلغ وسطها دون أن يطأ حواشيها؟ قالوا لا. قال كذك القيروان لا نملكها الا اذا ملكنا ضواحيها.
استعد المعز لحرب العرب فجمع عبيده وقومه وبقايا عرب الفتح. واستمد ابن عمه الحمادي فأمده بالف فارس. واستنفر زناتة. فأتاه منهم ألف فارس، ولحق برياح زغبة وعدي. وكانت جموع المعز اضعافهم. ولكن قد قيل قديما:"للكثرة الرعب وللقلة النصر".
تزاحف الجمعان، فانخزل عرب الفتح الى اخوانهم الهلاليين،
وخانت زناتة وصنهاجة الحمادية، فترك المعز معسكره للعرب، وفر الى القيروان، واستولى العرب على افريقية ومدنها مثل ابة والاربس وباجة. وخشي المعز على نفسه بالقيروان. فلحق في خفارة بعض أمراء العرب بالمهدية سنة ٤٩ وذاق وبال سوء ظنه بمؤنس واغتراره بقوته. وتلاحق الى الهلاليين اخوانهم بالصعيد ونجد. ودامت حركة الهجرة نحو نصف قرن. وموجتها في اتجاه نحو الغرب.