وضعفت دولة صنهاجة بانقسامها. واستيلاء العرب على اراضيها واستنزاف ماليتها باللعطاءات تسكينا لثوراتهم واستبداد كثير من الولاة على المدن. وحدث بين الصقليين شقاق فاستعان بعضهم بالنرمان. فخفوا لنصرتهم. ولكن لما نزلوا المدن رفعوا عليها أعلامهم وذهبت صقلية شهيدة الخلاف والخديعة. فاستولى النرمان عليها سنة ٤٨٥ واصبحت مركزا عظيما للنصارى في الحروب الصليبية.
وكان الحماديون أقوياء. فلم يقدر النرمان على التوسع الا في المملكة الشرقية الضعيفة ولم يطب آل باديس نفسا بتسليم المملكة للحماديين. فاخذوا يفاوضون المرابطين ويدعونهم لحماية ثغورهم.
ولا طريق لهم الا بالمملكة الحمادية. فشمر الحماديون عن ساعد الجد لقطع كل حركة تمس باستقلالهم حتى عقد معهم المرابطون معاهدة سلمية ودية.
كان الحماديون يرون في توهين الرومان لبني عمهم اعانة لهم على امتلاك مملكتهم يوما ما. ورأى النرمان ان لا يهيجوا الحماديين بسوء. فظلت العلاقات بينهم حسنة. ولكن النرمان لما رأوهم ملكوا جربة وطمعوا في المهدية قلبوا لهم ظهر المجن.
ففي سنة ٥٣٧ طرق النرمان جيجل فاحتلوها عنوة. وانتهبوا الاموال وأحرقوا المنازل وخربوا قصر النزهة الذي بناه يحي بن العزيز وسفكوا الدماء وسبوا الحريم. ولم ينج من أهلها الا من تعلق بالجبل. ثم أقلعوا عنها. وتركوها خاوية على عروشها. وفي سنة ٥٣٩ فتحوا برشك وقتلوا أهلها وسبوا حريمهم وباعوه بصقلية على المسلمين.
ولما ملك عبد المؤمن بجاية وخضع له يحي لحق أخوه الحارث صاحب بونة بصاحب صقلية. فاعانه على البقاء بها حتى اخذها منه عبد المؤمن.
هذه علاقات الحماديين والمسيحيين السياسية وكانت بالمدن