الثانية فتح فيها بجاية. ولم يعلن عليها الحرب ولا طاولها بل إستعان عليها بالدسائس ولم يتريث في السير اليها، ولولا ذلك ما نحج في فتحها ذلك النجاح.
الثالثة فتح فيها المهدية استعد لفتحها ثلاث سنوات حفر فيها الآبار على طول الطريق وأمر بحفظ الزرع في سنابله وخرج اليها في صفر سنة ٥٤ في جيوش جرارة واساطيل محاذية له بحرا، وسار سيرا في غاية النظام وكمال العدة. ولم يسرع في سيره فبلغ تونس أواخر جمادى الثانية، فاحتلها وتقدم الى المهدية، فحاصرها حتى فتحها بوم عاشوراء سنة ٥٥٥ وانما سلك في فتحه المهدية غير مسلكيه في فتح بجاية وحرب المرابطين لانه ليس بافريقية يومئذ دولة فاشتد أذى النرمان للمسلمين. ووفد عليه جمع منهم بمراكش يستنصرونه، فوعدهم النصرة ولكن تريث في تنفيذ وعده كي تقوى في الناس الغيرة الدينية بما يتكرر عليهم من معرات العدو ويستيقنوا أن لا ناصر لهم غير عبد المؤمن فلا يعترضون سبيله يوما ما، ولكي يجمع هو قوته فيدهش بها القبائل التى يمر بها عربية وبربرية فلا تحدث نفسها بالثورة عليه. وذلك ما وقع، فقد كان الناس ينضمون الى جيشه حيثما حل ففي كل مرحلة يزداد جمعه، وما فتح المهدية وطرد النرمان حتى أتاه رؤساء المدن طائعين.
وهكذا تم لعبد المؤمن فتح المغرب. ودخلت في طاعته جزيرة الاندلس فكانت مملكته تنتهي شرقا الى التراب المصري شرقي طرابلس حيث سويقه بني مضكود، وغربا الى البحر المحيط، وجنوبا الى الصحراء وشمالا الى البحر الابيض وتجاوزه الى الاندلس فشملها من الجزائر الشرقية الى أشبونة.
وقد استعد عبد المؤمن لاخراج الامر من المصامدة الى قبيلته