للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعرفة الله، وطريقة الرياضة نفرد لها فصلا بعنوان التصوف. وطريقة النظر والاستدلال بالطبيعيات على الإلهيات مع التقيد بالدين هي المسماة كلاما وأهلها متكلمين.

نكر أهل السنة طريقة الكلام، وسموا أهلها معتزلة حتى جاء أبو الحسن الاشعري، فقرأ على أبي علي الجبائي المعتزلي، ولازمه الى الاربعين من عمره، ثم اعتزل الاعتزال ونصر السنة بطريقة الكلام نفسها، وألف كتبا كثيرة منها تفسيره المسمى المختزن في خمسمائة مجلد، وكانت منه نسخة واحدة بدار الخلافة. فبذل الصاحب بن عباد- وكان يميل الى الاعتزال- لخازن المكتبة عشرة آلاف دينار ليحرقها " فاحترق ذلك التفسير فيما احترق من الكتب، وكانت وفاة الاشعري ببغداد سنة ٣٢٤.

وانقسم أهل السنة الى سلفيين يؤمنون بآيات وأحاديث الصفات كما جاءت ولا يعتمدون على الكلام، والى أشاعرة يعتمدون على الكلام ويؤولون بعض آيات وأحاديث الصفات.

وكان أهل المغرب سلفيين حتى رحل ابن تومرت الى المشرق وعزم على احداث انقلاب بالمغرب سياسي علمي ديني. فأخذ بطريقة الاشعري ونصرها وسمى المرابطين السلفيين "مجسمين " وتم انقلابه على يد عبد المؤمن، فتم انتصار الاشاعرة بالمغرب. واحتجبت السلفية بسقوط دولة صنهاجة، فلم ينصرها بعدهم إلا أفراد قليلون من أهل العلم في أزمنة مختلفة، ولشيخ قسنطينة في القرن الثاني عشر عبد القادر الراشدي أبيات في الانتصار للسلفيين طالعها:

خبرا عني المؤول اني ... كافر بالذي قضته العقول

ومنذ أعلن المعز بن باديس مذهب مالك أصبح هو مذهب أهل السنة بالمغرب. وزاده المرابطون تأييدا. فكان لا يقطع أمر في

<<  <  ج: ص:  >  >>