مملكتهم الا بمشورة الفقهاء المالكيين فعظم شأنهم ونفقت كتب المذهب. قال صاحب المعجب:
"وكثر العمل بكتب المذهب ونبذ ما سواها حتى نسي النظر في كتاب الله وحديث رسوله (ص) فلم يكن أحد من مشاهير ذلك الزمان يعتني بهما كل الاعتناء. ودان الناس بتكفير من يخوض في علم الكلام. وقرر الفقهاء عند علي بن يوسف بن تاشفين تقبيحه وكراهة السلف له وانه بدعة في الدين، وربما أدى الى اختلال في العقائد فكان يكتب عنه في كل وقت بالتشديد في نبذه وتوعد من وجد عنده شيء من كتبه، وأمر باحراق كتب ابي حامد الغزالي لما دخلت المغرب، وتقدم بالوعيد الشديد من سفك الدم واستئصال المال الى من وجد عنده شيء منها واشتد الامر في ذلك " اهـ.
ولم يكن يومئذ بالمغرب غير مذهب مالك وربما كان من أهل الاندلس من أخد بمذهب الشافعي أو أبي سليمان داوود امام أهل الظاهر. وولادته سنة ٢٠٢ ووفاته سنة ٢٧٠ وأظهر من أيد مذهبه بالاندلس ابن حزم المتوفي سنة ٤٥٦.
وعكست دولة الموحدين كل ما كان أيام المرابطين، ففي سنة ٥٥٠ بنى عبد المؤمن المساجد وأصلحها وحرق كتب الفروع ورد الناس الى قراءة الحديث ثم جاء حفيده المنصور فجرد كتب الفقه من الآيات والاحاديث، ثم حرقها، فاحرقت مدونة سحنون ونوادر ابن أبي زيد ومختصرة وتهذيب البرادعي وواضحة بن حبيب وغيرها. ومنع الاشتغال بعلم الرأي وأمر جماعة من المحدثين بجمع أحاديث من الموطأ والصحيحين والترمذي وأبي داوود والنسائي والبزار وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي فجمعوا منها أحاديث في الصلاة وما يتعلق بها فكان يملي هذا المجموع بنفسه على الناس ويأخذهم بحفظه. فانتشر