طريق السعادة بالرياضة التي هي على العامة أيسر من العلم، وباعتقاد أن شيوخهم يحملون عنهم تقصيرهم في الدين، فكان للصوفية فيهم تعوذ اضطر الامراء الجائرين الى خدمتهم وعلماء السوء إلى تأييدهم من غير فرق بين سني وغيره، فأصبح التصوف مطلقا هو لب الدين في عقد العامة ومغفلي العلماء، ويرحم الله القائل:
وهل أفسد الدين الا الملوك ... واحبار سوء ورهبانها
وقد ضج العلماء الناصحون والصوفية السنيون من أعمال عامة الصوفية واضلالهم للعامة، قال القشيري من أهل القرن الخامس في صوفية عصره:"ثم اعلموا رحمكم الله ان المحققين من هذه الطائفة انقرض أكثرهم ولم يبق في زمننا هذا منهم الا أثرهم:
اما الخيام فانها كخيامهم ... وارى نساء الحي غير نسائها
زاد الورع وطوي بساطه، واشتد الطمع وقوي رباطه، وارتحل عن القلوب حرمة الشريعة فعدوا قلة المبالات بالدين أوثق ذريعة ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام ودانوا بترك الاحترام وطرح الاحتشام، واستخفوا باداء العبادات واستهانوا بالصوم والصلاة وركضوا في ميدان الغفلات وركنوا الى اتباع الشهوات وقلة المبالات بتعاطي المحظورات والارتفاق بما يأخذونه من السوقة والنسوان وأصحاب السلطان".
" ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء هذه الأفعال حتى أشاروا الى أعلى الحقائق والاحوال وادعوا أنهم تحرروا عن رق الاغلال وتحققوا بحقائق الوصال وانهم قائمون بالحق تجري عليهم أحكامه وهم محو وليس لله عليهم فيما يؤثرونه أو يذرونه عتب ولا لوم، وانهم كوشفوا باسرار الاحدية واختطفوا عنهم بالكلية وزالت عنهم أحكام البشرية