فقال:"ثم أن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم الى الحلول والوحدة. وملؤا الصحف منه مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره، وتبعهم ابن العربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الاسرائيلي في قصائدهم.
"وكان سلفهم مخالطين للاسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول وألهية الأيمة مذهبا لم يعرف لأولهم، فاشرب كل من الفريقين مذهب الآخر واختلط كلامهم، وتشابهت عقائدهم".
"وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب ومعناه رأس العارفين يزعمون انه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله، ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان، وقد أشار الى ذلك ابن سينا في كتاب الاشارات في فصول التصوف منها .. وهو بعينه ما تقوله الرافضة، ثم قالوا بترتيب وجود الابدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة في النقباء، ثم انهم أسندوا لباس خرقة التصوف الى علي (رض) وهو من هذا المعنى ايضا، وإلا فعلي (رض) لم يختص من بين الصحابة بتخلية ولا طريقة في لباس ولا حال " اهـ.
وتصوف ابن سينا انما هو تصوف يوناني مأخوذ عن ارسطاطليس، قال القفطي متكلما عن مترجمي كتب ارسطاطليس:
" وأقرب الجماعة حالا في تفهيم مقاصده في كلامه الفارابي ابو نصر وابن سينا، فانهما دققا وحققا فحملا علمه على الوجه المقصود واعذبا منه لو ارده مذهبه المورود، ووافقاه على شيء من أصوله فكفرا بكفره " اهـ. ثم قال في الكلام على الالهيات: "وقد قرب من ارسطاليس في قوله فيها الفارابي وابن سينا " اهـ.
وقد استمال الصوفية العامة بظواهرهم فمالت اليهم لتقريبهم لها