ودخلت لفظة التصوف اليونانية الى العربية لما ترجمت كتب اليونان والهند في الدور العباسي لا سيما أيام المأمون، وكان ذلك العصر عصر اختلاف ديني واضطراب سياسي، فأخذ من التصوف كل فريق حسب استعداده وصوره بما يلائم غايته، واختلفت قواعد التصوف ونظمه باختلاف جنسية المتصوف وعصره ومصره وميله إذ العمدة فيه الرياضة وما يرد على صاحبها أثناءها من خواطر والهامات، فليس له ضابط يضبطه ولا قانون يسيطر عليه.
وكان من الصوفية من يعتمد على الرياضة وحدها ومنهم من يقيدها بالدين، فتعددت مذاهبهم الى سنيين ومبتدعين ومارقين من الدين يقولون بالوحدة المطلقة أو الاتحاد المطلق أو الحلول المطلق أو الحلول الخاص، ولهم في تصوير مذاهبهم عبارات غامضة واشارات بعيدة، فربما يجمع قارئي كلامهم بين الايمان والكفر وهو لا يشعر، فيصير كمن قال:
عقد الخلائق في الإله عقائدا ... وانا اعتقدت جميع ما اعتقدوه
وكان سيد الصوفية السنيين ابو القاسم الجنيد المتوفي سنة ٢٩٧ يقول:"الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام " وقال: "من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحايث لا يقتدى به في هذا الامر لان علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة".
وقد استعمل غلاة الشيعة بعض الصوفية في مقاصدهم السياسية، فألف منهم جماعه في القرن الرابع رسائل سموها " رسائل اخوان الصفا " وبثوا فيها من الكفر والضلالات والاستخفاف بالشريعة ما يعلم بمطالعتها، وقالوا انهم جمعوها من كلام الخلصاء الصوفية.
وذكر ابن خلدون في المقدمة امتزاج التصوف والشيعة الامامية،