للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج سلطان تونس ابو العباس لحرب أحمد بن يوسف، فسعى يعقوب بن علي في السلم، وحمل أحمد على الطاعة. وارسل الى السلطان بالشفاعة. وسرحوا أبا زيان الى قسنطينة ايذانا بنفض أيديهم من أبي حمو. وبلغت رسل أحمد بهديتهم وطاعة ابا العباس أول سنة ٨٣ وهو معسكر بساح تبسة فاعرض عن حربه.

ثم مرض بعدها في الطاعة. فخرج اليه سنة ٨٦ ومعه سليم، ومر بتبسة وجنوب أوراس وتهودا، وانضم اليه أولاد سباع بن شبل وأنفت بقية رياح من دخول سليم مواطنها. وتناوش الفريقان القتال. وانتبذ عنهم يعقوب ساعيا في الصلح فتم باقلاع السلطان عن بسكرة وبذل أحمد له طاعته وجبايته.

وقويت الدولة الحفصية بضعف دولتي زناتة. وقطعت عنها كل المستبدين. ولم يبق الا بنو مزني. فخرج اليهم السلطان ابو فارس بن ابي العباس سنة ٨٠٤ وتلوم اياما ببئر الكاهنة. ثم دخل بسكرة يوم السبت سابع جمادى الثانية. وولى عليها من قواده وحمل معه أحمد بن يوسف الى تونس. فانتهت امارة بني مزني.

وقد عاشت هذه الامارة نحوا من قرن ونصف تخللها بنو رمان بين فضل بن علي وابنه منصور. ولم يعرف الزاب الى اليوم عصرا كعصرها هناء ورغادة عيش لما كان عليه بنو مزني من حسن التدبير والادارة، فقد أحسنوا معاملة الذواودة، فاستعانوا بهم. وعرفوا ما بالبلاط الحفصي من دسائس فوصلوا أيديهم بزناتة التي لولا تطاحن دولتيها حتى ضعفتا ما سقطت هذه الامارة في دور اكتهالها.

ومما يحسن ختم هذا الفصل به ابيات للسان الدين بن الخطيب بعث بها أثناء رسالة لابن خلدون وهو مقيم على أحمد بن يوسف. وهي:

من أنكر غيثا منشؤه ... في الارض وليس بمخلفها

<<  <  ج: ص:  >  >>