دخل ابو الحسن بجاية، فوضع عن أهلها ربع المغرم وولى عليها محمد بن النوار من طبقة الوزراء، وترك له حامية، وتقدم الى قسنطينة، فتلقاه أميرها ابو زيد في أخوته مبايعين. فنقلهم الى وجدة. واقطعهم جبايتها، وولى على قسنطينة محمد بن العباس.
وانزل ممه بني عسكر. واقر صهره الفضل على بونة. وتقدم الى تونس فملكها وأقام بها الى شوال سنة ٥٠ وفي هذه المدة اجتمع له ملك المغرب. ولم يجتمع لاحد بعد بني عبد المؤمن غيره.
وفي محرم سنة ٤٩ هزم العرب ابا الحسن على القيروان هزيمة منكرة. وكان بعسكره بنو عبد الواد وتوجين ومغراوة. فكانت لهم يد في جر الهزيمة عليه لسلبه اياهم ملكهم. وارجف بموته. فدعا ابنه ابو عنان لنفسه وثار عليه صهره الفضل بن ابي يحي الذي أقره على بونة وكان الفضل يرى أنه سينزل له عن ملك تونس، ولا يغتصبه عرش سلفه، فاستولى على قسنطينة وبجاية، واخرج منها مرين واخذ يجلب على تونس.
وارتحل ابو عنان الى فاس، وترك على تلمسان عثمان بن جرار من أولاد طاع الله من بني عبد الواد، واجتمع بظاهر تونس بنو عبد الواد، فبايعوا عثمان بن عبد الرحمن. وتحالفوا مع مغراوة وتوجين، وهدروا ما بينهم من دماء، وارتحلوا في زهاء خمسمائة فارس الى مواطنهم، فقتلوا عمال مرين، ودعا عثمان بن جرار لنفسه. فنكر الناس دعوته لكونه لا سلف له في الملك، فكان ذلك مما أعان عثمان ابن عبد الرحمن عليه، فغلبه على تلمسان. ودخلها في جمادى الثانية سنة ٤٩ وقتله غريقا. وعقد سلما مع ابي عنان على أن يمنع اباه عنه.
ولم يبق بعد واقحة القيروان على بيعة ابي الحسن غير مدينة