ويروى "الحمى أضرعتني للنوم" قال المفضل: أول من قال ذلك رجل من كَلْب يقال له مرير، ويروى مرين، وكان له أَخَوَانِ أكبر منه يقال لهما مرارة ومرَّة، وكان مرير لصاً مُغيراً، وكان يقال له الذئب، وإن مرارة خرج يتصيّد في جبل لهم فاختطفه الجن، وبلغ أهلَه خَبَرُه فانطلق مُرَّة في أثره حتى إذا كان بذلك المكان اخْتُطِف، وكان مرير غائباً، فلما قدم بلغه الخبر، فأقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسَه غسْلٌ حتى يطلب بأخويه، فتنكَّب قوسَه وأخذ أسْهُما ثم انطلق إلى ذلك الجبل الذي هلك فيه أخَوَاه، فمكث فيه سبعة أيام لا يرى شيئاً، حتى إذا كان في اليومِ الثامن إذا هو بظَليم، فرماه فأصابه واسْتَقَلَّ الظَّليمُ حتى وقع في أسفل الجبل، فلما وَجَبَت الشمسُ بصر بشخص قائم على صَخْرة ينادي:
يا أيها الرامي الظَّليمِ الأْسَودِ ... تَبَّتْ مَرَامِيكَ التي لم تَرْشُدِ ⦗٢٠٦⦘
فأجابه مرير:
يا أيها الهاتِفُ فَوْقَ الصَّخْرَهْ ... كم عَبْرَةٍ هَيَّجْتَها وَعَبْرَهْ
فتوارى الجني عنه هويّاً من الليل، وأصابت مريراً حُمَّى فغلبته عيناه، فأتاه الجني فاحتمله، وقال له: ما أَنَامَكَ وقد كنتَ حَذِراً؟ فقال: الحمى أضْرَعَتْنِي للنوم، فذهبت مثلا. وقال مرير:
أَلاَ مَنْ مُبْلِغٌ فتيانَ قَوْمِي ... بما لاَقَيْتُ بعدهُمُ جميعا
غزوْتُ الجنَّ أطلُبهم بثأرِي ... لأسْقِيَهُمْ به سمّاً نَقِيعاَ
فَيَعْرِضُ لي ظَليمٌ بعد سبع ... فأرْمِيهِ فأتْرُكُهُ صَرِيعاَ
في أبيات أخر يطول ذكرها (ويروى أن عمر بن معد يكرب الزبيدي قال هذا المثل لأمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب.)