هي اسم كان يقع لى مَنْ كانت العربُ ⦗٤٢٥⦘ تدفنها حَيَّةً من بناتها، قال حمزة: واشتقاق ذلك من قولهم "قد آدَهَا بالتراب " أي أثْقَلَها به، ويقولون: آدَتْه العلَّة، ويقول الرجل للرجل: اتَّئِدْ، أي تثبت في أمرك
قلت: هذا حكم فيه خلل، وذلك أن قوله اشتقاق المؤودة من آدها بالتراب لا يستقم لأن الأول من المعتل الفاء، والثاني من المعتل العين، تقول من الأول: وأد يَئِدُ وَأْداً، ومن الثاني آد يؤد أودا، اللهم إلا أن يجعل من المقلوب، ولا أعلم أحداً حكم به
قال حمزة: وذكر الهيثم بن عدي أن الوأد كان مستعملا في قبائل العرب قاطبة، وكان يستعمله واحد ويترك عشرة، فجاء الإسلام وقد قلَّ ذلك فيها إلا من بني تميم فإنه تزايد فيهم ذلك قبل الإسلام، وكان السبب في ذلك أنهم منعوا الملك ضَرِيبته، وهي الإتاوة التي كانت عليهم، فجرَّدَ إليهم النعمانُ أخاه الريان مع دَوْسَر، ودوسر: إحدى كتائبه، وكان أكثر رجالها من بكربن وائل، فاستاق نَعَمَهم وسَبَى ذراريهم، وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكري:
لما رأوا رَايَةَ النعمان مُقْبِلَةً ... قالُوا ألا لَيْتَ أدْنى دارِناَ عَدَنُ
يا لَيْتَ أمَّ تميم لم تكُنْ عَرَفَتْ ... مُرّاً وكانَتْ كمن أوْدَى به الزَّمَنُ
إن تَقْتُلُونَا فأعْيَارٌ مُجَدَّعَةٌ ... أو تُنْعِمُوا فقديماً منكمُ المِنَنُ
فوفدت وفود بني تميم على النعمان بن المنذر وكَلَّموه في الذَّرَارِي، فحكم النعمان بأن يجعل الخيار في ذلك إلى النساء، فأية امرأة اختارت زوجها رُدَّت عليه، فاختلفن في الخيار، وكان فيهنَّ بنت لقيس بن عاصم فاختارت سابيَهَا على زوجها، فَنَذَرَ قيس بن عاصم أن يدسَّ كل بنت تولَدُ له في التراب، فوأَدَ بِضْعَ عَشْرَةَ بنتا، وبصنيع قيس بن عاصم وإحيائه هذه السُّنَّةَ نزل القرآن في ذم وأد البنات.