هذا مثل سائر عن أكثر العرب، إلا أن بعض العرب يَسْتَكِيسُها، فيقول: في أخلاقها عشر خصال من الكَيْسِ، وهي ⦗٢٢٦⦘ أنها تحضن بيضَها، وتحمي فرخَها، وتألف ولَدَها، ولا تمكن من نفسها غير زوجها، وتقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع، ولا تطير في التَّحْسِير، ولا تغتَرُّ بالشَّكير، ولا تُرِبُّ بالوُكُورِ، ولا تسقط على الجَفِيرِ.
قوله "تقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع" أراد أن الصيادين إنما يطلبون الطيرَ بعد أن يُوقِنوا أن القواطع قد قطعت، والرخَمَة تقطع في أوائلها لتنجو، يقال: قطعت الطير قطاعا إذا تَحَوَّلت من الجروم إلى الصرود أو من الصُّرود إلى الجروم.
وقوله "ولا تطير في التحسير" يقال: حَسَّرَ الطائر تحسيرا، إذا سقط ريشُهُ.
و"لا تغتر بالشكير" أي بصغار ريشها، بل تنتظر حتى يصير قَصَبا ثم تطير.
وقوله "ولا تُرِبُّ بالوكور" أي لا تقيم، من قولهم " أرَبَّ بالمكان" إذا أقام به، أي لا ترضى بما يرضى به الطيرُ من وكورها، ولكن تبيض في أعلى الجبال حيث لا يبلغه إنسان ولا سبع ولا طائر، ولذلك يقال في المثل: مِنْ دُونِ ما قُلْتَ، أو من دون ما سُمْتَ بيضُ الأنوق، للشيء لا يوصَلُ إليه.
وقوله "ولا تسقط على الجَفِير" يعني الجعبة، لعلمها أن فيها سِهاما.
وقد جمع الشاعر هذه المعاني في بيت وصَفَها فيه فقال:
وذَات اسْمَيْنِ والأْلَواُن شَتَّى ... تُحَمَّقُ وهي كَيِّسَةُ الْحَوِيلِ