فمن حُمْقه أن عيسى بن موسى الهاشمي مَرَّ به وهو يَحْفر بظهر الكوفة مَوْضِعاً، فقال له: مالَكَ يا أبا الغُصْن؟ قال: إني قد دَفَنْتُ في هذه الصحراء دراهمَ ولستُ أهتدي إلى مكانها، فقال عيسى: كان يجب أن تجعل عليها عَلاَمة، قال: قد فعلتُ، قال: ماذا؟ قال: سَحَابة في السماء كانت تُظِلها، ولستُ أرى العلامة.
ومن حمقه أيضاً أنه خرج من منزله يوما بغَلَس فعَثَر في دِهْليز منزِلِه بقتيل، فضَجِرَ به وجَرَّه إلى بئر منزله فألقاه فيها، فنُذِرَ به أبوه فأخرجه وغَيَّبه وخَنَق كبشاً حتى قَتَلَه وألقاه في البئر، ثم إن أهل القتيل طافُوا في سِكَك الكوفة يبحثون عنه، فتلقَّاهم جُحَا فقال: في دارنا رجلٌ مقتول فانظروا أهو ⦗٢٢٤⦘ صاحبكم، فعَدَلُوا إلى منزله وأنزلوه في البئر، فلما رأى الكبش ناداهم وقال: يا هؤلاء، هل كان لصاحبكم قَرْن؟ فضحكوا ومروا.
ومن حمقه أن أبا مُسْلم صاحبَ الدولة لما ورَد الكوفة قال لمن حوله: أيكم يعرف جُحَا فيدعوَهُ إلي؟ فقال يقطين: أنا، ودعاهُ، فلما دخل لم يكن في المجلس غير أبي مسلم ويقطين، فقال: يا يقطين أيكما أبو مسلم؟
قلت: وجُحَا اسمٌ لا ينصرف، لأنه معدول من جَاحٍ مثل عُمَرَ من عامر، يقال: جَحَا يَجْحُو جَحْواً إذا رمى، ويقال: حَيَّا الله جَحْوَتك، أي وجهك.