يُقَال: نَجَزَ الوَعْدُ ينجز، وقَالَ الأزهري: نَجَزَ الوَعْدُ وأنْجَزْتُهُ أنا، وكذلك نَجَزَت به، وإنما قَالَ حُرٌّ ولم يقل الحرُّ لأنه حذر أن يسمى نفسه حراً فكان ذلك تمدحا.
قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك الحارث بن عمرو آكل المُرَار الكِنْدِي لصَخْر بن نَهَشْل بن دَارِم، وذلك أن الحارثَ قَالَ لصخر: هل أدلُّكَ على غَنِيمَة على أن لي خُمُسَها؟ فقال صخر: نَعَمْ، فدلَّه على ناسٍ من اليمن، فأغار عليهم بقومه، فَظَفِرُوا وغنموا، فلما انصرفوا قَالَ له الحارث: أنجَز حُرٌّ ما وعد، فأرسلها مثلاً، فراوَدَ صخرٌ قومَه على أن يُعْطُوا الحارثَ ما كان ضمن له، فأبَوا عليه، وكان في طريقهم ثَنِية متضايقة يُقَال لها شَجَعَات، فلما دنا القومُ منها سار صخر حتى سبقَهم إليها، ووقف على رأس الثنية وقَالَ: أزِمْتْ شَجَعَاتٌ بما ⦗٣٣٣⦘ فيهن، فَقَالَ جَعْفَر بن ثَعْلَبة بن جَعْفَر بن ثعلبة ابن يَرْبُوع: والله لاَ نعطيه شيئاً من غنيمتنا، ثم مضى في الثنية فَحَمَلَ عليه صخر فَطَعَنَه فقتله، فلما رأى ذلك الجيش أعطوه الخمس، فدفعه إلى الحارث، فَقَالَ في ذلك نَهْشَل بن حَرِّيٍّ:
وَنَحْنُ مَنَعْنَا الجِيشَ أن يتأوَّبُوا ... على شَجَعَاتٍ وَالجيَادُ بنا تَجْرِي
حَبَسْنَاهُمُ حَتَى أقَرُّوا بحُكْمِنَا ... وَأَدَّيّ أَنْفَالُ الخَمِيسُ إلى صَخْرِ