أولُ من قَال ذلك الحجاجُ للغَضْبَان بن الْقَبَعْثَرَى الشَّيْبَاني، وكان لما خلع عبدُ الله بنُ الجارُودِ وأهلُ البصرة الحجاجَ وانتهبوه قَال: يا أهل العراقَ تَعَشَّوُا الْجَدْيَ قبل أن يتغداكم، فلما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الجارود أخذ الغَضْبَان وجماعةً من نُظَرائه فحبسهم، وكتب إلى عبد الملك بن مروان بقتل ابن الجارود، ⦗٧٧⦘ وخَبَرِهم، فأرسل عبدُ الملك عبدَ الرحمن بن مسعود الفَزَارِيَّ، وأمره بأن يؤمِّنَ كلَّ خائف، وأن يخرج المحبوسين، فأرسل الحجاج إلى الغَضْبَان، فلما دخل عليه قَال له الحجاج: إنك لَسَمين، قَال الغضبان: مَنْ يَكُنْ ضيفَ الأمير يَسْمَنْ، فَقَال: أأنْتَ قلت لأهل العراقَ تَعَشَّوُا الجدْىَ قبل أن يتغداكم؟ قَال: ما نفَعَتْ قائلَها ولا ضَرّتْ من قِيلَتْ فيه، فَقَال الحجاج: أوْفَرَقاً خيرٌ من حُبٍّ، فأرسلها مَثَلاً.
يضرب في موضع قولهم "رَهَبُوتٌ خير من رَحَمُوت" أي لأن يُفْرَقَ منك فرقاً خيرٌ من أن تُحُبَّ