وأول من قال ذلك امرأة كانت في زمن لقمان بن عاد، وكان لها زوج يقال له الشَّجِي، وخليل يقال له الْخَلِيُّ، فنزل لقمان بهم، فرأى هذه المرأة ذات يوم اْنتَبَذَتْ من بيوت الحي، فارتاب لقمان بأمرها، فتبعها، فرأى رجلا عَرَضَ لها ومَضَيَا جميعا وقَضَيَا حاجتهما، ثم إن المرأة قالت للرجل: إني أتَمَاوَتُ فإذا أسندوني في رَجَمِي (الرجم - بالتحريك - القبر) فأْتنِي ليلا فأخْرجيني ثم اذهب إلى مكان لا يعرفنا أهلُه، فلما سمع لقمان ذلك قال: ويل للشَّجِيِّ من الخلي، فأرسلها ⦗٣٩٩⦘ مثلا، ثم رجعت المرأة إلى مكانها وفعلت ما قالت، فأخرجها الرجل وانطلق بها أياماً إلى مكان آخر، ثم تحولت إلى الحي بعد بُرْهة، فبينا هي ذاتَ يوم قاعدةُ مرت بها بناتها، فنظرت إليها الكبرى فقالت: أمي والله، قالت الوُسْطَى: صدقتِ والله، قالت المرأة: كذبتما ما أنا لكما بأم، ولا لأبيكما بامرأة، فقالت لهما الصغرى: أما تعرفان محياها، وتعلقت بها وصرخَتْ، فقالت الأم حين رأت ذلك: صغراهن شراهن، فذهبت مثلا، ثم إن الناس اجتموا فعرفوها فرفعوا القصة إلى لقمان بن عاد، وقالوا له: اقض بيننا، فلما نظر لقمان إلى المرأة عرفها فقال: عند جُهَيْنَةَ الخبرُ اليقين، يعني نفسه وما عاين منها، فأخبر لقمان الزوجَ بما عرف، وأقبل على المرأة فقصَّ عليها قصتها كيف صنعت، وكيف قالت لصديقتها، فلما أتاها بما لا تنكر قالت: ما كان هذا في حسابي، فأرسلتها مثلا، فقيل للقمان: احكم فيها، فقال: ارجُمُوهَا كما رَجَمَتْ نفسها في حياتها، فرجمت، فقال الشجي: احكم بيني وبين الخلي، فقد فرق بيني وبين أهلي، فقال: يفرق بين ذكره وأنثييه كما فرق بينك وبين أنثاك فأخذ الخلي فجُبَّ ذكره.